صفحة جزء
3378 78 - حدثنا أبو الوليد، حدثنا سلم بن زرير، سمعت أبا رجاء قال: حدثنا عمران بن حصين، أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فأدلجوا ليلتهم حتى إذا كان وجه الصبح عرسوا فغلبتهم أعينهم حتى ارتفعت الشمس، فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر، وكان لا يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من منامه حتى يستيقظ، فاستيقظ عمر، فقعد أبو بكر عند رأسه فجعل يكبر، ويرفع صوته حتى استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل وصلى بنا الغداة، فاعتزل رجل من القوم لم يصل معنا، فلما انصرف قال: يا فلان، ما يمنعك أن تصلي معنا؟ قال: أصابتني جنابة، فأمره أن يتيمم بالصعيد، ثم صلى، وجعلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركوب بين يديه، وقد عطشنا عطشا شديدا، فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين، فقلنا لها: أين الماء؟ فقالت: إيه لا ماء، فقلنا: كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: يوم وليلة، فقلنا: انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وما رسول الله؟ فلم نملكها من أمرها حتى استقبلنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته بمثل الذي حدثتنا غير أنها حدثته أنها مؤتمة فأمر بمزادتيها، فمسح في العزلاوين فشربنا عطاشا أربعين رجلا حتى روينا، فملأنا كل قربة معنا وإداوة غير أنه لم نسق بعيرا، وهي تكاد تنض من الملء، ثم قال: هاتوا ما عندكم، فجمع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها، قالت: لقيت أسحر الناس أو هو نبي كما زعموا، فهدى الله ذلك الصرم بتلك المرأة فأسلمت وأسلموا.


مطابقته للترجمة في تكثير الماء القليل ببركته صلى الله عليه وسلم، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وسلم بفتح السين المهملة، وسكون اللام ابن زرير، بفتح الزاي، وكسر الراء الأولى، وقد مر في بدء الخلق، وأبو رجاء ضد الخوف عمران بن ملحان العطاردي البصري أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم بعد الفتح، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يهاجر إليه.

والحديث مر في كتاب التيمم في باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم بأتم منه وأطول، ومضى الكلام فيه هناك.

قوله: " فأدلجوا " من الإدلاج، يقال: أدلج القوم إذا ساروا أول الليل، وإذا ساروا في آخر الليل، يقال: ادلجوا بتشديد الدال. قوله: " عرسوا "، من التعريس، وهو نزول القوم آخر الليل يقفون فيه وقفة للاستراحة. قوله: " وكان لا يوقظ " على صيغة المجهول. قوله: " فجعل يكبر "، أي: فجعل أبو بكر يكبر رافعا صوته، وقد تقدم في كتاب التيمم أن عمر رضي الله تعالى عنه هو الذي كان يكبر ويرفع صوته حتى استيقظ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وكذا وقع في مسلم في الصلاة من حديث عوف الأعرابي، عن أبي رجاء، أن عمر كان رجلا جليدا فكبر ورفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا منافاة؛ إذ لا منع للجمع بينهما لاحتمال أن كلا منهما فعل ذلك. قوله: " في ركوب "، بالضم جمع راكب، وبفتحها ما يركب. قوله: " سادلة "، أي: [ ص: 118 ] مرسلة رجليها، يقال: سدل ثوبه إذا أرخاه. قوله: " مزادتين " تثنية مزادة، بفتح الميم، وتخفيف الزاي، وهي الراوية، وسميت بها؛ لأنها يزاد فيها جلد آخر من غيرها، ولهذا قيل: إنها أكبر من القربة. قوله: " إيه " بلفظ الحروف المشبهة بالفعل، ويروى: أيها. وقال الجوهري: ومن العرب من يقول: أيها، بفتح الهمزة بمعنى هيهات، ويروى أيهات على وزن هيهات ومعناه. قوله: " مؤتمة "، من أيتمت المرأة إذا صار أولادها أيتاما فهي مؤتمة بكسر التاء، ويروى بفتحها. قوله: " فمسح في العزلاوين ". هكذا في رواية الكشميهني. وفي رواية غيره: فسمح بالعزلاوين، وهي تثنية عزلاء، بسكون الزاي، وبالمد، وهو فم القربة، قاله بعضهم. (قلت): العزلاء فم المزادة الأسفل. قوله: " فشربنا عطاشا "، أي: شربنا حالة كوننا عطاشا. قوله: " أربعين "، بالنصب رواية الكشميهني، وجه النصب أنه بيان لقوله: عطاشا، ويروى: أربعون بالرفع، أي: ونحن أربعون نفسا. قوله: " حتى روينا "، بفتح الراء وكسر الواو من الري. قوله: " تبض " بكسر الباء الموحدة بعدها الضاد المعجمة المثقلة، أي: تسيل. وقال ابن التين: تبض، أي: تنشق فيخرج منه الماء، يقال: بض الماء من العين إذا نبع، وحكى القاضي عياض عن بعض الرواة بالصاد المهملة من البصيص، وهو اللمعان، وفيه بعد، ويروى: تنض بالنون عوض الباء الموحدة، وروى أبو ذر عن الكشميهني: تنصب من الانصباب، ويروى تنضرج من الضرج بالضاد المعجمة، والراء، والجيم، وهو الشق، ويروى تيصر بتاء مثناة من فوق مفتوحة، بعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وصاد مهملة، وراء، ذكر الشيخ أبو الحسن أن معناه: تنشق، قال: ومنه صير الباب، أي: شقه، ورده ابن التين، وهو أجدر بالرد؛ لأن فيه تكلفا من جهة الصرف، وغير موجود في شيء من الروايات. قوله: " ذلك الصرم "، بكسر الصاد المهملة، وسكون الراء، وهو أبيات مجتمعة نزول على الماء.

التالي السابق


الخدمات العلمية