صفحة جزء
337 ( وأم ابن عباس وهو متيمم )
هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة والبيهقي أيضا بإسناد صحيح ثم وجه مناسبة هذا للترجمة من حيث إن التيمم وضوء المسلم ، فإذا كان كذلك تجوز إمامة المتيمم للمتوضئ كإمامة المتوضئ ، فدل ذلك على أن التيمم طهارة مطلقة غير ضرورية إذ لو كان ضروريا لكان ضعيفا ، ولو كان ضعيفا لما أم ابن عباس وهو متيمم بمن كان متوضئا ، وهذا مذهب أصحابنا ، وبه قال الثوري والشافعي ، وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، وعن محمد بن الحسن : لا يجوز ، وبه قال الحسن بن حيي ، وكره مالك وعبد الله بن الحسن ذلك ، فإن فعل أجزأه ، وقال ربيعة : لا يؤم المتيمم من جنابته إلا من هو مثله ، وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري ، وقال الأوزاعي : لا يؤمهم إلا إذا كان أميرا ، كذا قاله ابن حزم ، وقال أبو طالب : سألت أبا عبد الله عن الجنب يؤم المتوضئين ، قال : نعم ، قد أم ابن عباس أصحابه وفيهم عمار بن ياسر وهو جنب فتيمم ، وعمرو بن العاص صلى بأصحابه وهو جنب ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبسم . ( قلت ) حسان بن عطية سمع من عمرو بن العاص ؟ قال : لا ، ولكن يقوى بحديث ابن عباس ( فإن قلت ) قد روي عن جابر مرفوعا " لا يؤم المتيمم المتوضئين " ، وعن علي بن أبي طالب موقوفا " لا يؤم المتيمم المتوضئين ولا المقيد المطلقين " ، ( قلت ) هذان حديثان ضعيفان ، ضعفهما الدارقطني وابن حزم وغيرهما ( فإن قلت ) ذكر أبو حفص بن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ من حديث الزهري عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا " لا يؤم المتيمم المتوضئين " . ( قلت ) لما ذكره ابن شاهين ذكر بعده حديث عمرو بن العاص ثم قال : يحتمل أن يكون هذا الحديث ناسخا للأول ، وهذا الحديث أجود إسنادا من حديث الزهري وإن صح ، فيحتمل أن يكون النهي في ذلك لضرورة وقعت مع وجود الماء ( فإن قلت ) يكون هذا رخصه لعمرو إذ لم ينهه ولم يأمره بالإعادة . ( قلت ) لو كان رخصة له دون غيره لم يقل له أحسنت ، وضحك في وجهه ، وقال بعضهم : هذه المسألة وافق فيها الكوفيون والجمهور على خلاف ذلك . ( قلت ) هذا عكس القضية بل الجمهور على الموافقة يقف عليه من يمعن النظر في الكتب ، وقال هذا القائل أيضا واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب : " فإنه يكفيك " أي : : ما لم تحدث أو تجد الماء ، وحمله الجمهور على أعم من ذلك أي : : لفريضة واحدة وما شئت من النوافل ، انتهى . ( قلت ) معنى قوله : " فإنه يكفيك " أي : : في كل الصلوات فرضها ونفلها ، وهذا هو معنى الأعمية وليس في قوله لفريضة واحدة وما شئت من النوافل معنى الأعمية لأن معنى الأعمية في شيء أن يكون شاملا لجميع أفراد ذلك الشيء ، وليس لقوله لفريضة واحدة إفراد ، وأما النفل فإنه تبع للفرض ، والتابع ليس له حكم مستقبل بل حكمه حكم المتبوع فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية