صفحة جزء
3538 236 - حدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم، قال: حدثني حسين بن محمد، حدثنا جرير، عن محمد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين بن علي عليه السلام، فجعل في طست فجعل ينكت، وقال في حسنه شيئا، فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوبا بالوسمة.


مطابقته للترجمة في قوله: " كان أشبههم برسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ".

ومحمد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر أخو أبي الحسن علي بن إشكاب العامري البغدادي مات يوم الثلاثاء يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ومائتين ببغداد، وهو من أفراده، والحسين بن محمد بن بهرام أبو أحمد التميمي المروزي المعلم نزل ببغداد مات سنة أربع عشرة ومائتين، وجرير بن حازم، ومحمد هو ابن سيرين.

والحديث من أفراده.

قوله: " أتي " بضم الهمزة على صيغة المجهول، وعبيد الله بن زياد بن أبي سفيان، وزياد بكسر الزاي وتخفيف الياء آخر الحروف هو الذي ادعاه معاوية أخا لأبيه أبي سفيان فألحقه بنسبه، وهو الذي يقال له: زياد ابن أبيه، ويقال له: زياد بن سمية بضم السين المهملة، وهي أمة كانت للحارث والد أبي بكرة، نفيع بضم النون وفتح الفاء، وقال ابن معين: ويقال: لعبيد الله بن مرجانة، وهي أمه، وقال غيره: وكانت مجوسية، وقال البخاري: وكانت مرجانة سبية من أصفهان، وكان زياد من أصحاب علي رضي الله تعالى عنه، فلما استلحقه معاوية صار من أشد الناس بغضا لعلي بن أبي طالب وأولاده، وعبيد الله ابنه هو الذي سير الجيش لقتال الحسين رضي الله تعالى عنه، وهو يومئذ أمير الكوفة ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وكان جيشه ألف فارس، ورأسهم الحر بن يزيد التميمي، وعلى مقدمتهم الحصين بن نمير الكوفي، ثم جرى ما جرى فآخر الأمر قتل الحسين.

واختلفوا في قاتله فقيل: الحصين بن نمير، وقيل: مهاجر بن أوس التميمي، وقيل: كثير [ ص: 241 ] ابن عبد الله الشعبي، وقيل: شمر بن ذي الجوشن، وقيل: سنان بن أبي أوس بن عمرو النخعي وهو الأشهر، فأخذ رأس الحسين، ودفعه إلى خولي بن يزيد، وكان سنان طعنه فوقع ثم قال لخولي: احتز رأسه فأراد أن يفعل فأرعد وضعف، فقال له سنان: فت الله عضدك وأبان يديك، فنزل إليه فذبحه، وكان ذلك يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ثم حملوا رأس الحسين، ورءوس القتلى من أصحابه إلى عبيد الله بن زياد وهو بالكوفة، وكانت الرءوس اثنين وسبعين رأسا حمل خولي بن يزيد رأس الحسين، وحملت كندة ثلاثة عشر رأسا، وهوازن عشرين، وبنو تميم عشرين، وبنو أسد سبعة، ومذحج أحد عشر، وكان مع الرءوس والسبايا شمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث، وعمرو بن الحجاج، وعروة بن قيس، فأقبلوا حتى قدموا بها على عبيد الله بن زياد، ثم نذكر الآن ما جرى بعد أن قدموا برأس الحسين على هذا اللعين عبيد الله بن زياد.

قوله: " فجعل " على صيغة المجهول أي: جعل رأس الحسين رضي الله تعالى عنه " في طست " بفتح الطاء المهملة، وسكون السين المهملة، قال الجوهري: الطست الطس بلغة طي أبدل من إحدى السينين تاء للاستثقال، وفي (المغرب) بالشين المعجمة الطشت مؤنثة، وهي أعجمية والطس تعريبها، والجمع طشاش وطشوش، وقد يقال: الطشوت.

قوله: " فجعل ينكت " أي: فجعل عبيد الله بن زياد ينكت أي: يضرب بقضيب على الأرض فيؤثر فيها، وهو بالتاء المثناة من فوق، وفي رواية الترمذي وابن حبان من طريق حفصة بنت سيرين عن أنس: فجعل يقول بقضيب له في أنفه، وفي رواية الطبراني من حديث زيد بن أرقم: فجعل يجعل قضيبا في يده في عينيه وأنفه فقلت: ارفع قضيبك فقد رأيت فم رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضعه.

قوله: " فقال: في حسنه شيئا " وفي رواية الترمذي رحمه الله: ما رأيت مثل هذا حسنا لم يذكر فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم أي: أشبه أهل البيت، وزاد البزار من وجه آخر، عن أنس قال: فقلت له: إني رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يلثم حيث يقع قضيبك، قال: فانقبض. انتهى. وقال سبط ابن الجوزي: أما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أنس من الحقوق أن ينكر على ابن زياد فعله ويقبح له ما وقع من قرع ثنايا الحسين بالقضيب، لكن الفحل زيد بن أرقم فإنه أنكر عليه فروى الطبري عن أبي محنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: شهدت ابن زياد وهو ينكث بقضيب بين ثنيتيه ساعة، فلما رآه زيد بن أرقم هجه عن نكثه بالقضيب، فقال له: اعل بهذا القضيب عن هاتين الشفتين فوالذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على هاتين الشفتين يقبلهما، ثم انفضح الشيخ يبكي، فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فقام وخرج، فسمعت الناس يقولون: والله لقد قال زيد بن أرقم قولا لو سمعه ابن زياد لقتله، فقلت: ما الذي قال؟ قال: مر بنا وهو يقول: أنتم يا معاشر العرب عبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم ويستعبد شراركم فبعدا لمن رضي بالذل والعار.

قلت: فلله در زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي من أعيان الصحابة غزا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سبع عشرة غزوة، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب، وكان من خواص أصحابه، ومات بالكوفة سنة ست وستين، وقيل: ثمان وستين، ثم إن الله تعالى جازى هذا الفاسق الظالم عبيد الله بن زياد بأن جعل قتله على يدي إبراهيم بن الأشتر يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة سنة ست وستين على أرض يقال لها: الجازر بينها وبين الموصل خمسة فراسخ، وكان المختار بن أبي عبيدة الثقفي أرسله لقتال ابن زياد، ولما قتل ابن زياد جيء برأسه، وبرءوس أصحابه، وطرحت بين يدي المختار، وجاءت حية دقيقة تخللت الرءوس حتى دخلت في فم ابن مرجانة وهو ابن زياد، وخرجت من منخره، ودخلت في منخره وخرجت من فيه، وجعلت تدخل، وتخرج من رأسه بين الرءوس، ثم إن المختار بعث برأس ابن زياد ورءوس الذين قتلوا معه إلى مكة إلى محمد بن الحنفية، وقيل: إلى عبد الله بن الزبير فنصبها بمكة، وأحرق ابن الأشتر جثة ابن زياد وجثث الباقين.

قوله: " وكان " أي: الحسين مخضوبا بالوسمة بفتح الواو وسكون السين المهملة، وجاء فتحها وهو نبت يختضب به يميل إلى سواد.

التالي السابق


الخدمات العلمية