صفحة جزء
338 ( ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنفه )
عمرو بن العاص القريشي السهمي ، أبو عبد الله ، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنة ثمان قبل الفتح مسلما ، وهو من زهاد قريش ، ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمان ولم يزل عليها حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - روي له سبعة وثلاثون حديثا ، للبخاري ثلاثة ، مات بمصر عاملا عليها سنة ثلاث وأربعين على المشهور يوم الفطر ، صلى عليه ابنه عبد الله ثم صلى العيد بالناس . قوله : " ويذكر " تعليق بصيغة التمريض ، ووصله أبو داود وقال : حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا أبي قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال : " احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال و : ( قلت ) : إني سمعت الله تعالى يقول : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك نبي الله - عليه الصلاة والسلام - ولم يقل شيئا " ورواه الحاكم أيضا . قوله : " في غزوة ذات السلاسل " وهي وراء وادي القرى ، بينها وبين المدينة عشرة أيام ، وقيل : سميت بها لأنها بأرض جذام ، يقال له : السلسل ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة . قوله : " فأشفقت " أي : خفت . قوله : " فلم يعنفه " أي : لم يعنفه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني لم ينكر عليه ، كذا لم يعنفه بالضمير في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : فلم يعنف " بدون الضمير ، حذف للعلم به وعدم تعنيفه إياه دليل الجواز والتقرير ، وبه علم عدم إعادة الصلاة التي صلاها بالتيمم في هذه الحالة ، وهو حجة على من يأمره بالإعادة ، ودل أيضا على جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان للبرد أو لغيره ، وسواء كان في السفر أو في الحضر ، وسواء كان جنبا أو محدثا . وفيه دلالة على جواز الاجتهاد في عصره .

التالي السابق


الخدمات العلمية