صفحة جزء
342 [ ص: 39 ] بسم الله الرحمن الرحيم . ( كتاب الصلاة )
أي : هذا كتاب في بيان أحكام الصلاة ، وارتفاع ( كتاب ) على أنه خبر مبتدأ محذوف كما قدرناه ، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر ؛ أي : كتاب الصلاة هذا ، ويجوز أن ينتصب على تقدير خذ كتاب الصلاة ، وقد مضى تفسير الكتاب مرة ، ولما فرغ من بيان الطهارة التي منها شروط الصلاة شرع في بيان الصلاة التي هي المشروطة ، فلذلك أخرها عن الطهارات لأن شرط الشيء يسبقه وحكمه يعقبه ، ثم معنى الصلاة في اللغة الغالبة الدعاء ، قال تعالى : وصل عليهم أي ادع لهم ، وفي الحديث في إجابة الدعوة " وإن كان صائما فليصل " أي : فليدع لهم بالخير والبركة ، وقيل : هي مشتقة من صليت العود على النار إذا قومته ، قال النووي : هذا باطل لأن لام الكلمة في الصلاة واو بدليل الصلوات ، وفي صليت ياء فكيف يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف الأصلية ؟ ( قلت ) دعواه بالبطلان غير صحيحة لأن اشتراط اتفاق الحروف الأصلية في الاشتقاق الصغير دون الكبير والأكبر ( فإن قلت ) لو كانت واوية كان ينبغي أن يقال : صلوت ، ولم يقل ذلك ( قلت ) هذا لا ينفي أن تكون واوية لأنهم يقلبون الواو ياء إذا وقعت رابعة ، وقيل : الصلاة مشتقة من الصلوين تثنية الصلا ، وهو ما عن يمين الذنب وشماله ، قاله الجوهري ( قلت ) هما العظمان الناتئان عند العجيزة ، وذلك لأن المصلي يحرك صلويه في الركوع والسجود ، وقيل : مشتقة من المصلى وهو الفرس الثاني من خيل السباق لأن رأسه تلي صلوي السابق ، وقيل : أصلها من التعظيم ، وسميت العبادة المخصوصة صلاة لما فيها من تعظيم الرب ، وقيل : من الرحمة ، وقيل : من التقرب من قولهم شاة مصلية وهي التي قربت إلى النار ، وقيل : من اللزوم . قال الزجاج : يقال : صلى واصطلى إذا لزم ، وقيل : هي الإقبال على الشيء ، وأنكر غير واحد بعض هذه الاشتقاقات لاختلاف لام الكلمة في بعض هذه الأقوال فلا يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف ( قلت ) قد أجبنا الآن عن ذلك . وأما معناها الشرعي فهي : عبارة عن الأركان المعهودة والأفعال المخصوصة ، وقد ذكر بعضهم وجه المناسبة بين أبواب كتاب الصلاة وهي تزيد على عشرين نوعا في هذا الموضع ، ثم قال : هذا آخر ما ظهر من مناسبة ترتيب كتاب الصلاة في هذا الجامع الصحيح ، ولم يتعرض أحد من الشراح لذلك ( قلت ) نحن نذكر وجه المناسبة بين كل بابين من هذه الأبواب بما يفوق ذلك على ما ذكره يظهر ذلك عند المقابلة ، وذكرها في مواضعها أنسب وأوقع في الذهن وأقرب إلى الصواب ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية