صفحة جزء
3601 300 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: سمعت مالكا يحدث عن أبي النضر مولى عمر بن [ ص: 275 ] عبيد الله، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: ما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت هذه الآية: وشهد شاهد من بني إسرائيل الآية...، قال: لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث.


مطابقته للترجمة لا تخفى فإن فيه منقبة عظيمة له، وأبو النضر بالضاد المعجمة اسمه سالم وهو ابن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني، قال الواقدي: توفي في زمن مروان بن محمد.

والحديث أخرجه مسلم في فضائل عبد الله بن سلام عن زهير بن حرب، وأخرجه النسائي فيه عن عمرو بن منصور.

قوله: " عن أبي النضر "، وفي رواية أبي يعلى، عن يحيى بن معين، عن أبي مسهر، عن مالك: حدثني أبو النضر. قوله: " عن عامر " وفي رواية عاصم بن مهجع عن مالك، وعند الدارقطني: سمعت عامر بن سعد. قوله: " عن أبيه " هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة بالجنة، وفي رواية إسحاق بن الطباع عن مالك عند الدارقطني سمعت أبي، قوله: ما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل: كيف قال سعد هذا وقد علم أنه قال ذلك فيه وفي باقي العشرة، وأجاب عنه الخطابي بأنه كره التزكية لنفسه، ولزم التواضع، ولم ير لنفسه من الاستحقاق ما رآه لأخيه، وقال ابن التين: هذا غير بين لأنه نفى باقي العشرة بقوله. (قلت): الأوجه أن يقال: لفظ ما سمعت لم ينف أصل الإخبار بالجنة لغيره، وقال الكرماني: التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد، أو المراد بالعشرة الذين جاء فيهم لفظ البشارة المبشرون بها في مجلس واحد، أو لم يقل لأحد غيره حال مشيه على الأرض، ولا بد من التأويل، وكيف لا والحسنان وأزواج النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بل أهل بدر ونحوهم من أهل الجنة قطعا. انتهى.

قال: " وفيه نزلت " أي: وفي عبد الله بن سلام، نزلت هذه الآية: وشهد شاهد من بني إسرائيل وفي التفسير: الشاهد هو عبد الله بن سلام، وتمام الآية على مثله: فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين وقال الزمخشري: الضمير في مثله للقرآن أي: على مثله في المعنى، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعاني القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك، وحاصل المعنى: وشهد شاهد من بني إسرائيل على كونه من عند الله، ومن جملة من قال: إن الشاهد هو عبد الله بن سلام الحسن البصري، ومجاهد، والضحاك، وأنكره مسروق والشعبي وقالا: السورة مكية يعني سورة الأحقاف، يعني السورة التي فيها الآية المذكورة، قال الشعبي: وأسلم عبد الله بن سلام قبل موته صلى الله تعالى عليه وسلم بعامين، واختلفا في المراد بالآية فقال مسروق: الشاهد موسى عليه السلام، وقال الشعبي: هو رجل من أهل الكتاب، وأجيب بأنه يجوز أن تكون الآية مدنية من سورة مكية، وقال صاحب (مقامات التنزيل): هذه السورة - يعني سورة الأحقاف - مكية إلا آيتان مدنيتان منهما هذه الآية، وقال ابن عباس ومقاتل: الشاهد ابن يامين، وروى السدي، عن ابن عباس: أنها نزلت في عبد الله بن سلام وابن يامين، واسمه عمير بن وهب النضري، وروى عبد بن حميد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن اسمه ميمون بن يامين، وفيه نزلت هذه الآية، وقال الذهبي في (تجريد الصحابة): يامين بن يامين الإسرائيلي أسلم وكان من بني النضر، وقيل: يامين بن عمر، وقال في باب الميم: ميمون بن يامين، قال سعيد بن جبير: كان رأس اليهود بالمدينة فأسلم.

قوله: " قال: لا أدري " أي: قال عبد الله بن يوسف الراوي عن مالك: لا أدري قال مالك الآية عند الرواية أو كانت هذه الكلمة مذكورة في جملة الحديث فلا يكون خاصا بمالك رضي الله تعالى عنه، وقيل: هذا الشك من القعنبي أحد الرواة عن مالك، وليس بصحيح بل هو عبد الله بن يوسف، وروى إسماعيل بن عبد الله الملقب بسمويه في فوائده: هذا عن عبد الله بن يوسف، ولم يذكر هذا الكلام عنه، وكذا رواه الإسماعيلي من وجه آخر عن عبد الله بن يوسف والدارقطني أيضا عنه في (غرائب مالك) من وجهين آخرين، وأخرجه من طريق ثالث عنه بلفظ آخر مقتصرا على الزيادة دون الحديث، وقال: إنه وهم، وروى ابن منده في الإيمان من طريق إسحاق بن يسار عن عبد الله بن يوسف... الحديث، والزيادة والذي يظهر من هذا الاختلاف أنها مدرجة.

التالي السابق


الخدمات العلمية