صفحة جزء
342 ( باب : كيف فرضت الصلوات في الإسراء )
أي : هذا باب في بيان كيفية فرضية الصلاة في ليلة الإسراء ، وفي رواية الكشميهني والمستملي " كيف فرضت الصلوات " بالجمع ، واختلفوا في المعراج والإسراء هل كانا في ليلة واحدة أو في ليلتين ، وهل كانا جميعا في اليقظة أو في المنام ، أو أحدهما في اليقظة والآخر في المنام ، فقيل : إن الإسراء كان مرتين مرة بروحه مناما ومرة بروحه وبدنه يقظة ، ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضا حتى قال : إنه أربع إسراآت ، وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة ، ووفق أبو شامة في روايات حديث الإسراء بالجمع بالتعدد فجعل ثلاث إسراآت مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق ، ومرة من مكة إلى السماوات على البراق أيضا ، ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات ، وجمهور السلف والخلف على أن الإسراء كان ببدنه وروحه ، وأما من مكة إلى بيت المقدس فبنص القرآن ، وكان في السنة الثانية عشرة من النبوة ، وفي رواية البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري أنه أسري به قبل خروجه إلى المدينة بسنة ، وعن السدي قبل مهاجرته بستة عشر شهرا ، فعلى قوله يكون الإسراء في شهر ذي القعدة ، وعلى قول الزهري يكون في ربيع الأول ، وقيل : كان الإسراء ليلة السابع والعشرين من رجب ، وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي في سيرته ، ومنهم من يزعم أنه كان في أول ليلة جمعة من شهر رجب ، وهي ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة ، ولا أصل لها ، ثم قيل : كان قبل موت أبي طالب ، وذكر ابن الجوزي : أنه كان بعد موته في سنة اثنتي عشرة للنبوة . ثم قيل : كان في ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان في السنة الثالثة عشرة للنبوة [ ص: 40 ] ، وقيل : كان في ربيع الأول ، وقيل : كان في رجب ، والله أعلم . ( فإن قلت ) ما وجه ذكر هذا الباب بعد قوله كتاب الصلاة ، وما وجه تتويج الأبواب الآتية بهذا الباب ، ( قلت ) لأن هذا الكتاب يشتمل على أمور الصلاة وأحوالها ، ومن جملتها معرفة كيفية فرضيتها لأنها هي الأصل ، والباقي عارض عليه ، فما بالذات مقدم على ما بالصفات .

التالي السابق


الخدمات العلمية