صفحة جزء
3681 377 - حدثني فروة بن أبي المغراء ، حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنت ست سنين ، فقدمنا المدينة ، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج ، فوعكت ، فتمرق شعري فوفى جميمة ، فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ، ومعي صواحب لي ، فصرخت بي ، فأتيتها لا أدري ما تريد بي ، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار ، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ، ثم أخذت شيئا من ماء ، فمسحت به وجهي ورأسي ، ثم أدخلتني الدار ، فإذا نسوة من الأنصار في البيت ، فقلن : على الخير والبركة ، وعلى خير طائر ، فأسلمتني إليهن ، فأصلحن من شأني ، فلم يرعني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى ، فأسلمتني إليه ، وأنا يومئذ بنت تسع سنين .


مطابقته للترجمة ظاهرة ; لأنه مشتمل على تزوجه - صلى الله عليه وسلم - إياها ، وبنائه بها ، وفروة بفتح الفاء وسكون الراء ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبالراء وبالمد أبو القاسم الكندي الكوفي ، وهشام هو ابن عروة ، يروي عن أبيه عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنه ، والحديث أخرجه ابن ماجه في النكاح ، عن سويد بن سعيد ، عن علي بن مسهر . قوله : " فقدمنا المدينة " قد ذكرنا قدومها عن قريب . قوله : " فوعكت " على صيغة المجهول : أي حميت من الوعك وهي الحمى . قوله : " فتمرق " بالراء ، وفي رواية الكشميهني : أي انتتف ، وفي رواية غيره بالزاي أي تقطع . قوله : " فوفى " بالفاء : أي كثر ، وفيه حذف تقديره : فنصلت من الوعك ، فنبر بي شعري فوفى . قوله : " جميمة " بالرفع فاعل وفي ، وقال ابن الأثير : ومنه حديث عائشة حين بنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : وفت لي جميمة : أي كثرت ، والجميمة بالجيم مصغر الجمة بتشديد الميم والجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين ، وإذا كان إلى شحمة الأذنين يسمى وفرة .

قوله : " أم رومان " عطف بيان لقولها : " أمي " ، وهي كنية أم عائشة ، واسمها زينب بنت عامر بن عويمر ، قاله الذهبي ، وقال أبو عمر : أم رومان ، يقال بفتح الراء وضمها بنت عامر ، ولم يذكر لها اسما ، ماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ست من الهجرة ، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - قبرها ، واستغفر لها ، وقال : " اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفي رسولك " . قوله : " لفي أرجوحة " بضم الهمزة وإسكان الراء وضم الجيم وبالحاء المهملة نوع لعب للصبيان يطفرون به بين الجذعين بحبل وغيره ، وقال الجوهري : ترجحت الأرجوحة بالغلام مالت به .

قوله : " لأنهج " بالنون : أي أتنفس تنفسا عاليا ، قال الكرماني : وأنهج بلفظ المجهول يقال : أنهج الرجل إذا غلبه التنفس من الإعياء ، والنهج : تتابع النفس ، وقال ابن فارس : يقال : أتانا فلان ينهج : أي مبهورا منقطع النفس ، وقال الهروي : أنهج أريد التنفس ، يقال : نهج وأنهج ، وقال أبو عبيد : لا يقال نهج . قوله : " وعلى خير طائر " : أي قدمت على خير ، قال : وقيل على خير حظ ونصيب . قوله : " فلم يرعني " بضم الراء وسكون العين المهملة : أي لم يفاجئني وإنما يقال ذلك في الشيء لا تتوقعه ، فيهجم عليك في غير زمانه أو مكانه ، ويقال : معناه لم يفزعني شيء إلا دخوله علي ، وكنت [ ص: 35 ] بذلك عن المفاجأة بالدخول على غير عالم بذلك فإنه يفزع غالبا . قوله : " ضحى " : أي ظهرا ، ويروى قد ضحا ، وهكذا ذكره ابن الأثير ، فقال : " فلم يرعني إلا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قد ضحى " : أي ظهر ( قلت ) : فعلى هذا ضحا فعل ماض يقال : ضحا يضحو ضحوا إذا ظهر ، ويقال أيضا : ضحا الظل إذا صار شمسا . قوله : " فأسلمتني إليه " : أي أسلمتني النسوة من الأنصار إلى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - . قوله : " وأنا يومئذ " الواو فيه للحال : أي يوم التسليم كنت بنت تسع سنين - .

التالي السابق


الخدمات العلمية