صفحة جزء
352 25 - حدثنا أبو عاصم ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه شيء .
مطابقته للترجمة ظاهرة ، ورجاله قد تقدموا غير مرة ، وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد بفتح الميم البصري المشهور بالنبيل ، وأبو الزناد بكسر الزاي وتخفيف النون ، وهو عبد الله بن ذكوان . قوله : "لا يصلي" بإثبات الياء لأنه نفي ؛ لأن لا نافية ، ولا النافية لا تسقط [ ص: 66 ] شيئا ، ولكن معناه النهي ، ونص ابن الأثير على إثبات الياء في الصحيحين ، ورواه الدارقطني في غرائب مالك بلفظ : " لا يصل " بغير ياء على أن كلمة لا ناهية ، ورواه النسائي ، وقال : أخبرنا محمد بن منصور قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" بزيادة نون التوكيد في "لا يصلي" ، ورواه الإسماعيلي من طريق الثوري عن أبي الزناد بلفظ : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم" ، ورواه أبو داود قال : حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء" ، وأخرج الطحاوي هذا الحديث من أربع طرق ، وذلك بعد أن قال : تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الثوب الواحد متوشحا به في حال وجود غيره ، ثم قال : فقد يجوز أن يكون ذلك على ما اتسع من الثياب خاصة لا على ما ضاق منها ، ويجوز أن يكون على كل الثياب ما ضاق منه وما اتسع ، فنظرنا في ذلك فإذا عبد الرحمن بن عمر الدمشقي قد حدثنا قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا فطر بن خليفة ، عن شرحبيل بن سعد قال : "حدثنا جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إذا اتسع الثوب فتعطف به على عاتقك ، وإذا ضاق فاتزر به ثم صل" فثبت بهذا الحديث أن الاشتمال هو المقصود ، وأنه هو الذي ينبغي أن يفعل في الثياب التي يصلي فيها ، فإذا لم يقدر عليه لضيق الثوب اتزر به ، واحتجنا أن ننظر في حكم الثوب الواسع الذي يستطيع أن يتزر به ، ويشتمل هل يشتمل به أو يتزر ، فكيف يفعل ، فإذا يونس قد حدثنا قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" فنهى عليه الصلاة والسلام في حديث أبي الزناد عن الصلاة في الثوب الواحد متزرا به ، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أيضا "أنه نهى أن يصلي الرجل في السراويل وحده ليس عليه غيره" حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني زيد بن الحباب ، عن أبي المنيب ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فهذا مثل ذلك ، وهذا عندنا على الوجود معه غيره ، وإن كان لا يجد غيره فلا بأس بالصلاة فيه ، كما لا بأس بالصلاة في الثوب الصغير متزرا به ، فهذا تصحيح معاني هذه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب . قوله : "ليس على عاتقه شيء" جملة حالية بدون الواو ، ويجوز في مثل هذا الواو وتركه ، قال الكرماني : هذا النهي للتحريم أم لا ؟ ( قلت ) ظاهر النهي يقتضي التحريم ، لكن الإجماع منعقد على جواز تركه ، إذ المقصود ستر العورة ، فبأي وجه حصل جاز ، ( قلت ) فيه نظر لأن الإجماع ما انعقد على جواز تركه ، وهذا أحمد لا يجوز صلاة من قدر على ذلك وتركه ، ونقل ابن المنذر عن محمد بن علي عدم الجواز ، ونقل بعضهم وجوب ذلك عن نص الشافعي رحمه الله ، واختاره مع أن المعروف في كتب الشافعية خلافه ، وقال الخطابي : هذا نهي استحباب ، وليس على سبيل الإيجاب ، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب كان بعض طرفيه على بعض نسائه ، وهي نائمة ، ومعلوم أن الطرف الذي هو لابسه من الثوب غير متسع لأن يتزر به ، ويفضل منه ما يكون لعاتقه إذ لو كان لا بد أن يبقى من الطرف الآخر منه القدر الذي يسترها ، وفي حديث جابر الذي يتلو هذا الحديث أيضا جواز الصلاة من غير شيء على العاتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية