صفحة جزء
378 ( وقال الحسن : كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه )
مطابقة هذا الأثر للترجمة غير ظاهرة إلا بالتعسف ؛ لأن الترجمة في السجود على الثوب ، وهذا لا يطلق على العمامة ولا على القلنسوة ، ولكن كان هذا الباب ، والأبواب الثلاثة التي قبله في السجود على غير وجه الأرض ، بل كان على شيء هو على الأرض ، وهو أعم من أن يكون حصيرا أو خمرة أو فراشا أو عمامة أو قلنسوة أو نحو ذلك ، فبهذه الحيثية تدخل العمامة والقلنسوة في الباب ، والحسن هو البصري ، وأراد بالقوم الصحابة ، والقلسنوة غشاء مبطن تلبس على الرأس قاله القزاز في شرح الفصيح ، وعن ابن خالويه : العرب تسمي القلنسوة برنسا ، وفي التلخيص لأبي هلال العسكري : البرنس القلنسوة الواسعة التي تغطى بها العمائم تستر من الشمس والمطر ، وفي المحكم هي من ملابس الرؤوس معروف ، وقال ابن هشام في شرحه : هي التي تقول لها العامة : الشاشية ، وذكر ثعلب في فصيحه لغة أخرى ، وهي القليسية بضم القاف وفتح اللام وسكون الياء ، وكسر [ ص: 117 ] السين وفتح الياء ، وفي آخره هاء ، وفي المحكم : وعندي أن قليسية ليست بلغة ، وإنما هي مصغرة ، وفي شرح الغريب لابن سيده : وهي قلنساة وقلساة ، وجمعها قلانس ، وقلاسي ، وقلنسي ، وقلونس ، ثم يجمع على قلنس ، وفيه قلب حيث جعل الواو قبل النون ، وعن يونس : أهل الحجاز يقولون : قلنسية ، وتميم يقولون قلنسوة ، وفي شرح المرزوقي : قلنست الشيء إذا غطيته .

قوله : "ويداه في كمه" هكذا في رواية الأكثرين ، وفي رواية الكشميهني "ويديه في كمه" ، وجه الأول أن يداه كلام إضافي مبتدأ ، وقوله : "في كمه" خبره ، والجملة حال ، والتقدير : ويدا كل واحد في كمه فلأجل ذلك قال : ويداه في كمه ، وذلك لأن المقام يقتضي أن يقال : وأيديهم في أكمامهم ، ووجه الثاني أن يديه منصوب بفعل مقدر تقديره : ويجعل كل واحد يديه في كمه ، وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي أسامة عن هشام عن الحسن قال : إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم ، ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته ، وأخرجه أيضا عبد الرزاق في مصنفه عن هشام بن حسان عن الحسن نحوه ، وأخرج ابن أبي شيبة عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان يسجد في طيلسانه ، وأخرج عن محمد بن عدي عن حميد : رأيت الحسن يلبس أنبجانيا في الشتاء ويصلي فيه ولا يخرج يديه ، وكان عبد الرحمن بن زيد يسجد على كور عمامته ، وكذلك الحسن ، وسعيد بن المسيب ، وبكر بن عبد الله ، ومكحول ، والزهري ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وعبد الرحمن بن يزيد ، وكان عبادة بن الصامت ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عمر ، وأبو عبيدة ، وإبراهيم النخعي ، وابن سيرين ، وميمون بن مهران ، وعروة بن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وجعدة بن هبيرة يكرهون السجود على العمامة ، وذكر محمد بن أسلم الطوسي في كتابه : تعظيم قدر الصلاة عن خلاد بن يحيى ، عن عبد الله بن المحرز ، عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور عمامته " قال ابن أسلم : هذا سند ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية