صفحة جزء
4358 156 - حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن عمرو، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال: لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه. قلت: سمعته من عبد الله؟ قال: نعم، قلت: ورفعه؟ قال: نعم.


مطابقته للترجمة ظاهرة، وعمرو هو ابن مرة المرادي الكوفي الأعمى، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.

والحديث أخرجه مسلم في التوبة عن محمد بن المثنى، ومحمد بن يسار. وأخرجه الترمذي في الدعوات، عن محمد بن يسار. وأخرجه النسائي في التفسير، عن محمد بن بشار ومحمد بن المثنى.

قوله: "أغير" أفعل التفضيل من الغيرة بفتح الغين، وهي الأنفة والحمية. قال النحاس: هو أن يحمي الرجل زوجته وغيرها من قرابته، ويمنع أن يدخل عليهن أو يراهن غير ذي محرم. والغيور ضد الديوث. والقندع بضم الدال وفتحها الديوث، وفي الموعب لابن التياني رجل غيران من قوم غيارى، وغيارى بفتح الغين وضمها.

وقال ابن سيده: غار الرجل غيرة وغيرا وغارا وغيارا. وحكى البكري، عن أبي جعفر البصري غيرة بكسر الغين، والمغيار الشديد الغيرة، وفلان لا يتغير على أهله أي: لا يغار.

وقال الزمخشري: أغار الرجل امرأته إذا حملها على الغيرة يقال: رجل غيور وامرأة غيور هذا كله في حق الآدميين، وأما في حق الله فقد جاء مفسرا في الحديث، وغيرة الله تعالى أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه، أي: أن غيرته منعه وتحريمه، ولما حرم الله الفواحش وتواعد عليها وصفه صلى الله تعالى عليه وسلم بالغيرة، وقال صلى الله عليه وسلم: من غيرته أن حرم الفواحش.

قوله: "ولذلك" أي: ولأجل غيرته.

قوله: "ولا شيء أحب إليه المدح" يجوز في "أحب" الرفع والنصب، وهو أفعل التفضيل بمعنى المفعول، وقوله: "المدح" بالرفع فاعله، وهو كقولهم: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من عين زيد.

وحب الله المدح ليس من جنس ما يعقل من حب المدح، وإنما الرب أحب الطاعات، ومن جملتها مدحه ليثيب على ذلك فينتفع المكلف لا لينتفع هو بالمدح، ونحن نحب المدح لننتفع ويرتفع قدرنا في قومنا، فظهر من غلط العامة قولهم: إذا أحب الله المدح فكيف لا نحبه نحن؟! فافهم.

قوله: "قلت: سمعته؟" القائل هو عمرو بن مرة، يقول لأبي وائل: هل سمعت هذا الحديث من عبد الله بن مسعود، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو وائل: نعم سمعته منه ورفعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية