صفحة جزء
4393 190 - حدثنا عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خيرني الله فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيده على السبعين، قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره


مطابقته للترجمة ظاهرة، وعبيد -بضم العين وفتح الباء الموحدة- واسمه في الأصل عبد الله يكنى أبا محمد الكوفي، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبيد الله بن عمر العمري.

والحديث مضى في كتاب الجنائز في باب الكفن في القميص، أخرجه مسلم في التوبة عن أبي بكر بن أبي شيبة.

قوله: (لما توفي عبد الله) يعني ابن أبي ابن سلول، ووقع في أكثر النسخ اسم أبيه أبي، وقال الواقدي: إنه مات بعد منصرفهم من تبوك، وذلك في ذي القعدة سنة تسع، وكانت مدة مرضه عشرين يوما، وابتداؤها من ليال بقيت من شوال، وكذا ذكره الحاكم في الإكليل، وقالوا: وكان قد تخلف هو ومن معه عن غزوة تبوك، وفيهم نزلت لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا قيل: هذا يدفع قول ابن التين: "إن هذه القصة كانت في أول الإسلام قبل تقرير الأحكام".

قوله: (فأعطاه) أي أعطى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قميصه عبد الله، قال الكرماني: لم أعطى قميصه المنافق؟ ثم أجاب بقوله: أعطى لابنه، وما أعطى لأجل أبيه عبد الله بن أبي، وقيل: كان ذلك مكافأة له على ما أعطى يوم بدر قميصا للعباس؛ لئلا يكون للمنافق منة عليهم.

قوله: (ثم سأله أن يصلي عليه) إنما سأله بناء على أنه [ ص: 273 ] حمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام، ولدفع العار عنه وعن عشيرته، فأظهر الرغبة في صلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ووقعت إجابته إلى سؤاله على حسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف الله الغطاء عن ذلك.

قوله: فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليصلي عليه.

قوله: (أتصلي عليه) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الإنكار.

قوله: (وقد) الواو فيه للحال.

قوله: (نهاك ربك أن تصلي عليه) قال الكرماني: أين نهاه ونزول قوله ولا تصل على أحد منهم بعد ذلك، فأجاب بقوله: لعل عمر استفاد النهي من قوله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين أو من قوله إن تستغفر لهم فإنه إذا لم يكن للاستغفار فائدة المغفرة يكون عبثا فيكون منهيا عنه، وقال القرطبي: لعل ذلك وقع في خاطر عمر رضي الله تعالى عنه فيكون من قبيل الإلهام.

قوله: (إنما خيرني الله) أي بين الاستغفار وتركه.

قوله: (وسأزيد) حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد السبعين على حقيقته، وحمله عمر رضي الله تعالى عنه على المبالغة، وقال الخطابي: فيه حجة لمن رأى الحكم بالمفهوم؛ لأنه جعل السبعين بمنزلة الشرط، فإذا جاوز هذا العدد كان الحكم بخلافه، وكان رأي عمر التصلب في الدين، والشدة على المنافقين، وقصد عليه الصلاة والسلام الشفقة على من تعلق بطرف من الدين، والتألف لابنه ولقومه، فاستعمل أحسن الأمرين وأفضلهما.

قوله: (إنه منافق) إنما جزم بذلك جريا على ما كان اطلع عليه من أحواله، ولم يأخذ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله، وصلى عليه؛ إجراء له على ظاهر حكم الإسلام، وذهب بعض أهل الحديث إلى تصحيح إسلام عبد الله بن أبي بصلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عليه، وهذا ليس بصحيح؛ لمخالفته الأحاديث الصحيحة المصرحة بما ينافي ذلك.

وقد أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه القصة قال: فأنزل الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره قال: فذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وما يغني عنه قميصي من الله، وإني لأرجو أن يسلم بذلك ألف من قومه.

قوله: (فأنزل الله تعالى) إلى آخره، زاد مسدد في حديثه عن يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر في آخره: فترك الصلاة عليهم، وفي حديث ابن عباس: فصلى عليه ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت، وزاد ابن إسحاق في المغازي في حديث الباب: فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعده حتى قبضه الله تعالى.

التالي السابق


الخدمات العلمية