صفحة جزء
4403 ننجيك نلقيك على نجوة من الأرض، وهو النشز المكان المرتفع.


أشار به إلى قوله تعالى فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وفسر ننجيك بقوله: "نلقيك" إلى آخره، وأشار بهذا إلى أن ننجيك مشتق من النجوة لا من النجاة التي بمعنى السلامة، وفسر النجوة بقوله هو النشز بفتح النون والشين المعجمة، وبالزاي، وهو المكان المرتفع، وقال الزمخشري: ننجيك بالتشديد والتخفيف معناه نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر، وقيل: نلقيك بنجوة من الأرض، وقرئ ننحيك بالحاء المهملة، معناه: نلقيك بناحية مما تلي البحر، وذلك أنه طرح بعد الغرق بجانب البحر. انتهى.

وسبب ذلك أن موسى عليه السلام وأصحابه لما خرجوا من البحر قالوا: من بقي في المدائن من قوم فرعون: ما غرق فرعون، وإنما هو وأصحابه يصيدون في جزائر البحر، فأوحى الله تعالى إلى البحر أن الفظ فرعون عريانا، فألقاه على نجوة من الأرض على ساحل البحر، قال مقاتل: قال بنو إسرائيل: إن القبط لم يغرقوا فأوحى الله إلى البحر فطفا بهم على وجهه، فنظروا فرعون على الماء، فمن ذلك اليوم إلى يوم القيامة تطفو الغرقى على الماء فذلك قوله تعالى لتكون لمن خلفك آية يعني لمن بعدك إلى يوم القيامة، وقال الثعلبي: قالت بنو إسرائيل لما أخبرهم موسى بهلاك القبط: ما مات فرعون ولا يموت أبدا، فأمر الله تعالى البحر فألقى فرعون على الساحل أحمر قصيرا كأنه ثور، فرآه بنو إسرائيل فمن ذلك الوقت لا يقبل البحر ميتا أبدا.

فإن قيل: فقد ذكر أن نوحا عليه السلام لما أرسل الغراب لينظر له الأرض رأى جيف الغرقى فلهى بها عن حاجة نوح عليه السلام.

فالجواب أن الماء كان قد نضب فلهذا رأى الجيف، وهنا إنما هو مع وجود الماء واستقراره.

قوله ببدنك أي بجسدك قاله مجاهد، وقيل: المراد بالبدن الدرع الذي كان عليه، وقيل: كانت له درع من ذهب يعرف بها، وقرأ أبو حنيفة: بأبدانك. قال الزمخشري: يعني ببدنك كله وافيا بأجزائه، أو يراد بدروعك كأنه كان مظاهر بينها.

التالي السابق


الخدمات العلمية