صفحة جزء
4424 221 - حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان ، قال علي : وقال غيره : صفوان ينفذهم ذلك ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترقو السمع ، ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر ، ووصف سفيان بيده ، وفرج بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض ، فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه ، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه حتى يلقوها إلى الأرض ، وربما قال سفيان : حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر فيكذب معها مائة كذبة ، فيصدق ، فيقولون : ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا ، فوجدناه حقا للكلمة التي سمعت من السماء .


مطابقته للترجمة ظاهرة ، وعلي بن عبد الله هو ابن المديني ، وسفيان هو ابن عيينة ، وعمرو هو ابن دينار ، وعكرمة هو مولى ابن عباس .

والحديث أخرجه البخاري أيضا عن الحميدي في التفسير ، وفي التوحيد أيضا عن علي بن عبد الله ، وأخرجه أبو داود في الحروف عن أحمد بن عبدة ، وأخرجه الترمذي في التفسير عن محمد بن يحيى ، وأخرجه ابن ماجه في التفسير عن يعقوب بن حميد بن كاسب ، وقال الدارقطني : رواه علي بن حرب عن سفيان ، فوقفه ، ورواه أيضا عن إسحاق بن عبد الواحد ، عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن أبي هريرة قال : هذا غلط في ذكره ابن عباس بأن جماعة رووه عن سفيان فقالوا : عن عكرمة حدثنا أبو هريرة .

قوله : "يبلغ به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" ولم يقل صريحا : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتمال الواسطة أو شيء من كيفية البلاغ ، قوله : "إذا قضى الله" أي إذا حكم الله عز وجل بأمر من الأمور ، والقضاء فصل الأمر سواء كان بقول أو فعل ، وهذا بمعنى التقدير ، ويجيء بمعنى الخلق كما في قوله عليه السلام : "لما قضى الله" أي لما خلقه ، قوله : "ضربت الملائكة" أي ملائكة السماء بأجنحتها ، قوله : "خضعانا" بضم الخاء مصدر من خضع نحو غفر غفرانا ، ويقال : خضع يخضع خضوعا وخضعانا ، وهو الانقياد والطاعة ، ويروى بكسر الخاء كالوجدان ، ويجوز أن يكون جمع خاضع ، وقال الكرماني : أي خاضعين ، وقال شيخ شيخنا الطيبي : إذا كان خضعانا جمعا كان حالا ، وإذا كان مصدرا يجوز أن يكون مفعولا مطلقا لما في ضرب الأجنحة من معنى الخضوع ، أو مفعولا له ، وذلك لأن الطائر إذا استشعر خوفا أرخى جناحيه مرتعدا ، قوله : "لقوله" أي لقول الله عز وجل ، قوله : "كالسلسلة على الصفوان" تشبيه القول المسموع بالسلسلة على الصفوان كما شبه في بدء الوحي بقوله : كصلصلة الجرس ، وهو صوت الملك بالوحي ، والصفوان الحجر الأملس ، وقال الخطابي : الصلصلة [ ص: 10 ] صوت الحديد إذا تحرك وتداخل ، وكأن الرواية وقعت له هنا بالصاد ، أو أراد أن التشبيه في الموضعين بمعنى واحد ، قوله : "قال علي" هو علي بن عبد الله شيخه ، قوله : "وقال غيره" أي غير سفيان الراوي المذكور ينفذهم ذلك ، وهذه اللفظة هي زيادة غير سفيان ، أي ينفذ الله إلى الملائكة ذلك القول ، وروي : ينفذ ذلك أي ينفذ الله ذلك الأمر ، والصفوان تلك السلسلة أي صوتها ، وفي تفسير ابن مردويه من حديث ابن مسعود رفعه إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة أي كصلصلة السلسلة على الصفوان فيفزعون ، ويرون أنه من أمر الساعة ، وقرأ حتى إذا فزع الآية ، وأصل الحديث عند أبي داود ، قوله : "فإذا فزع" أي فإذا أزيل الخوف عن قلوبهم ، وزوال الفزع هنا بعد سماعهم القول كالفصم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سماع الوحي ، قوله : "ماذا قال ربكم" أي قالت الملائكة أي شيء قال ربكم ، قوله : "قالوا" القائلون هم المجيبون وهم الملائكة المقربون كجبريل وميكائيل وغيرهما على ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود قال : إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام ، فإذا جاء جبريل فزع عن قلوبهم فيقولون : يا جبريل ، ماذا قال ربكم ؟ فيقول : الحق ، فيقولون : الحق الحق ، قوله : "الذي قال" أي الذي قالوا الحق لأجل ما قال الله عز وجل ، والمعنى أنهم عبروا عن قول الله ، وما قضاه وقدره بلفظ الحق ، قوله : "الحق" منصوب على أنه صفة مصدر محذوف تقديره : قال الله القول الحق ، ويحتمل الرفع على تقدير : قال المجيبون : قوله الحق هكذا قدر الزمخشري في سورة سبأ في قوله تعالى ماذا قال ربكم قالوا الحق بالرفع ، والقول : يجوز أن يراد به كلمة كن ، وأن يراد بالحق ما يقابل الباطل ، ويجوز أن يراد به القول المسطور في اللوح المحفوظ ، فالحق بمعنى الثابت في اللوح المحفوظ ، قوله : "فيسمعها" أي يسمع تلك الكلمة ، وهي القول الذي قال الله عز وجل ، ومسترقو السمع فاعله ، وأصله مسترقون للسمع فلما أضيف حذفت النون ، وفي رواية أبي ذر : "فيسمعها مسترق السمع" بالإفراد ، قوله : "ومسترقو السمع" مبتدأ وخبره هو قوله : "هكذا" ، ثم فسره بقوله : هكذا واحد فوق آخر ، ووصف سفيان إلى قوله : فوق بعض من الوصف ، وهو بيان كيفية المستمعين بركوب بعضهم على بعض ، وقال الكرماني : وصف بتشديد الفاء ، ويروى ووصف، قوله : "بيده" ، ويروى بكفه أي بين ركوب بعضهم فوق بعض بأصابعه ، قوله : "بعضها فوق بعض" توضيح أو بدل ، وفيه معنى التشبيه أي مسترقو السمع بعضهم راكب بعضهم مردفين ركوب أصابعي هذه بعضها فوق بعض ، قوله : "ووصف سفيان" إلى آخره كلام معترض بين الكلامين ، قوله : "فربما أدرك الشهاب المستمع ، قد مر أن الشهاب هو النار ، وقيل : هو كواكب تضيء ، قال الله تعالى إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد وسمي شهابا لبريقه وشبهه بالنار ، وقيل : الشهاب شعلة نار ، واختلفوا في أنه يقتل أم لا ، فعن ابن عباس أنه يجرح ويحرق ولا يقتل ، وقال الحسن وغيره : يقتل ، قوله : "إلى الذي هو أسفل منه" بدل عن قوله : "إلى الذي يليه" ، قوله : "وربما قال سفيان حتى ينتهي إلى الأرض" أيضا معترض قوله : "فتلقى" أي الكلمة التي يسترقها المستمع ، قوله : "على فم الساحر" أي المنجم ، وفي الحديث : "المنجم ساحر" ، وفي رواية سورة سبأ "على لسان الساحر أو الكاهن" وفي رواية سعيد بن منصور ، عن سفيان : "على الساحر أو الكاهن" ، قوله : "فيكذب معها" أي فيكذب الساحر مع تلك الكلمة الملقاة على فمه ، قوله : "فيصدق" على صيغة المجهول أي فيصدق الساحر في كذباته ، قوله : "فيقولون" أي السامعون منه : ألم يخبرنا الساحر يوم كذا وكذا ، وهو بضم الياء من الإخبار ، قوله : "كذا" كناية عن الخرافات التي يذكرها الساحر ، قوله : "فوجدناه" الضمير المنصوب فيه يرجع إلى ما أخبر به الساحر ، قوله : "للكلمة التي" أي لأجل الكلمة التي سمعت من السماء جعلوا كل أخباره حقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية