صفحة جزء
4509 باب قوله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه


أي : هذا باب في قوله عز وجل وتخفي في نفسك " وأول الآية : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك الآية ، نزلت في زينب بنت جحش كما يأتي الآن ، وقصتها مذكورة في التفسير ، وحاصلها أنه صلى الله عليه وسلم أتى ذات يوم إلى زيد بن حارثة مولاه لحاجة فأبصر زينب بنت جحش زوجته قائمة في درعها وخمار فأعجبته ، وكأنها وقعت في نفسه ، فقال : سبحان الله مقلب القلوب ، وانصرف ، فجاء زيد فذكرت له ، ففي الحال ألقى الله كراهتها في قلبه [ ص: 119 ] فأراد فراقها ، فأتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إني أريد أن أفارق صاحبتي ، فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : اتق الله وأمسك عليك زوجك ، وهو معنى قوله تعالى : " وإذ تقول " أي : اذكر حين تقول للذي أنعم الله عليه " يعني : بالإسلام ، وهو زيد بن حارثة ، " وأنعمت أنت عليه بالعتق وتخفي في نفسك " أن لو فارقها تزوجتها . وعن ابن عباس : تخفي في نفسك حبها . قوله : ما الله مبديه " أي : الذي الله مظهره وتخشى الناس " أي : تستحيهم ، قاله ابن عباس والحسن . وقيل : تخاف لائمة الناس أن يقولوا أمر رجلا بطلاق امرأته ثم نكحها حين طلقها . وقال ابن عمر وابن مسعود والحسن : ما نزل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم آية أشد عليه من هذه الآية . قوله : والله أحق أن تخشاه " ليس المراد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خشى الناس ولم يخش الله ، بل المعنى أن الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحدا معه ، وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضا ، فاجعل الخشية لله وحده ، ولا يقدح ذلك في حال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه المأثم .

التالي السابق


الخدمات العلمية