صفحة جزء
( باب وقال طاوس عن ابن عباس : ائتيا طوعا أو كرها أعطيا قالتا : أتينا طائعين أعطينا )


ليس في كثير من النسخ لفظ باب ، أي قال طاوس عن عبد الله بن عباس في قوله تعالى : ائتيا طوعا أو كرها وفسر ائتيا بقوله : أعطيا ، هو صيغة أمر للتثنية من الإعطاء ، وفسر أتينا من الإتيان بقوله : أعطينا ، وهو الفعل الماضي للمتكلم مع الغير ، وروى هذا التعليق أبو محمد الحنظلي عن علي بن المدرك كتابة قال : أخبرنا زيد بن المبارك أخبرنا ابن ثور ، عن ابن جريج ، عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، وقال ابن التين : ليس أتينا بمعنى أعطينا في كلامهم ، إلا أن يكون ابن عباس قرأ بالمد ; لأن أتى مقصورا معناه جاء ، وممدودا رباعيا معناه أعطى ، ونقل عن سعيد بن جبير أنه قرأها آتيا ، بالمد على معنى أعطيا الطاعة ، وأن ابن عباس قرأ آتينا بالمد أيضا على المعنى المذكور ، وقال عياض : ليس أتى هاهنا بمعنى أعطى ، وإنما هو من الإتيان وهو المجيء ، وبهذا فسره المفسرون .

( قلت ) في تفسير الثعلبي : طوعا أو كرها ، أي جيئا بما خلقت فيكما من المنافع وأخرجاها وأظهرا لخلقي ، وعن ابن عباس قال الله - عز وجل - للسموات : أطلعي شمسك وقمرك ونجومك ، وقال للأرض : شققي أنهارك وأخرجي ثمارك . وقال السهيلي في ( أماليه ) : قيل : إن البخاري وقع له في أتى من القرآن وهم ، فإن كان هذا وإلا فهي قراءة بلغته ، ووجهه أعطيا الطاعة ، كما يقال : فلان يعطي الطاعة ، وقال : وقد قرئ : ثم سئلوا الفتنة لآتوها ، بالمد والقصر ، والفتنة ضد الطاعة ، وإذا جاز في إحداهما جاز في الأخرى ، انتهى .

وجوز بعض المفسرين أن آتيا بالمد بمعنى الموافقة ، وبه جزم [ ص: 150 ] صاحب ( الكشاف ) ، فعلى هذا يكون المحذوف مفعولا واحدا ، والتقدير : ليوافق كل منكما الأخرى ، قالتا : فوافقنا ، وعلى الأول يكون المحذوف مفعولين ، والتقدير : أعطيا من أمركما الطاعة من أنفسكما ، قالتا : أعطيناه الطاعة ، وإنما جمع طائعين بالياء والنون وإن كان هذا الجمع مختصا بمن يعقل ; لأن معناه آتينا بمن فيهما ، أو لأنه لما أخبر عنه بفعل من يعقل جاء فيهن بالياء والنون ، كما في قوله رأيتهم لي ساجدين وأجاز الكسائي أن يجمع بالياء والنون ، والواو والنون ، وفيه بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية