صفحة جزء
4620 [ ص: 239 ] باب وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون


أي هذا باب في قوله عز وجل وإذا رأيتهم الآية ، وهي إلى قوله يؤفكون ساقها الأكثرون ، وفي رواية أبي ذر من قوله وإذا رأيتهم إلى قوله تسمع لقولهم الآية . قوله : وإذا رأيتهم أي المنافقين تعجبك أجسامهم لاستواء خلقها وحسن صورها وطول قامتها ، وعن ابن عباس : كان عبد الله بن أبي رجلا جسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان وقوم من المنافقين في صفته وهم رؤساء المدينة ، كانوا يحضرون مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، فيستندون فيه ، ولهم جهارة المناظر وفصاحة الألسن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن حضر يعجبون بهياكلهم ، فإذا قالوا سمع النبي صلى الله عليه وسلم لقولهم ، قال الله تعالى وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام ، شبهوا في استنادهم وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير بالخشب المسندة إلى الحائط ; لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع ، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به أسند إلى الحائط ، فشبهوا به في عدم الانتفاع . وقيل : يجوز أن يراد بالخشب المسندة الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان ، شبهوا بها في حسن صورهم ، وقلة جدواهم . قوله يحسبون أي من خبثهم وسوء ظنهم وقلة يقينهم كل صيحة واقعة عليهم وضارة لهم ، قال مقاتل : إن نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو نشدت ضالة ظنوا أنهم يرادون لما في قلوبهم من الرعب . قوله : هم العدو " مبتدأ وخبر ، أي الكاملون في العداوة . قوله : فاحذرهم " ، أي فلا تأمنهم ولا تغتر بظاهرهم . قوله : قاتلهم الله " دعا عليهم باللعن والخزي . قوله : أنى يؤفكون " ، أي كيف يصرفون عن الحق تعجبا من جهلهم وضلالهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية