صفحة جزء
يقال : معناه أتى على الإنسان ، وهل تكون جحدا وتكون خبرا ، وهذا من الخبر يقول كان شيئا ، فلم يكن مذكورا ، وذلك من حين خلقه من طين إلى أن ينفخ فيه الروح .


القائل فيه بذلك الفراء . قوله : " معناه أتى على الإنسان " يدل على أن لفظ هل صلة ولكن لم يقل أحد إن هل قد تكون صلة . قوله : " وهل تكون جحدا " ، يعني : نفيا ، وتكون خبرا ، يعني : إثباتا ، يعني : يخبر به عن أمر مقرر ، ويكون هل حينئذ بمعنى قد للتحقيق ، وأشار إليه بقوله : وهذا من الخبر ، أراد به أن هل هنا ، يعني : في قوله تعالى : هل أتى على الإنسان بمعنى قد ، ومعناه قد أتى على الإنسان وأريد به آدم عليه الصلاة والسلام ، وقال الزمخشري : إن هل أتى أبدا بمعنى قد ، وإن الاستفهام إنما هو مستفاد من همزة مقدرة معها ونقله في ( المفصل ) عن سيبويه ، فقال : وعند سيبويه أن هل بمعنى قد إلا أنهم تركوا الألف قبلها لأنها لا تقع إلا في الاستفهام ، قوله : حين من الدهر " أربعون سنة ملقى بين مكة والطائف قبل أن ينفخ فيه الروح . قوله : لم يكن شيئا مذكورا " لا يذكر ، ولا يعرف ، ولا يدرى ما اسمه ، ولا ما يراد به ، والمعنى أنه كان شيئا لكنه لم يكن مذكورا ، يعني : انتفاء هذا المجموع بانتفاء صفته لا بانتفاء الموصوف ، ولا حجة فيه للمعتزلة في دعواهم أن المعدوم شيء ، ووقع في بعض النسخ ، وقال يحيى : معناه أتى على الإنسان إلى آخره ، ويحيى هذا هو ابن زياد بن عبد الله بن منصور الديلمي الفراء ، صاحب كتاب معاني القرآن ، وقال بعضهم : هو صواب ; لأنه قول يحيى بن زياد الفراء بلفظه، قلت : دعوى الصواب غير صحيحة ; لأنه يجوز أن يكون هذا قول غيره كما هو قوله : ولم يطلع البخاري على أنه قول الفراء وحده ، فلذلك قال : يقال : معناه ، أو اطلع أيضا على قول غيره مثل قول الفراء ، فذكر بلفظ يقال ليشمل كل من قال بهذا القول ، فافهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية