صفحة جزء
489 ( وإنما هذا إذا اشتغل به ، فأما إذا لم يشتغل فقد قال زيد بن ثابت : ما باليت ، إن الرجل لا يقطع صلاة الرجل )
قال صاحب ( التوضيح ) : هذا من كلام البخاري ، يشير به إلى أن مذهبه هاهنا بالتفصيل ، وهو أن استقبال الرجل الرجل في الصلاة إنما يكره إذا اشتغل المستقبل المصلي ؛ لأن علة الكراهة هي كف المصلي عن الخشوع وحضور القلب ، وأما إذا لم يشغله ، فلا بأس به ، والدليل عليه قول زيد بن ثابت الأنصاري النجاري الفرضي كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما باليت ، أي : بالاستقبال المذكور يقال : لا أباليه ، أي : لا أكترث له . قوله : ( إن الرجل ) بكسر إن ؛ لأنه استئناف ذكر لتعليل عدم المبالاة ، وروى أبو نعيم في كتاب الصلاة ، حدثنا مسعر ، قال : أراني أول من سمعه من القاسم ، قال : ضرب عمر رجلين أحدهما مستقبل ، والآخر يصلي ، وحدثنا سفيان ، حدثنا رجل عن سعيد بن جبير أنه كره أن يصلي وبين يديه مخنث محدث ، وحدثنا سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن ابن جبير ، قال : إذا كانوا يذكرون الله تعالى ، فلا بأس ، وقال ابن بطال : أجاز الكوفيون ، والثوري ، والأوزاعي الصلاة خلف المتحدثين ، وكرهه ابن مسعود ، وكان ابن عمر لا يستقبل من يتكلم إلا بعد الجمعة ، وعن مالك : لا بأس أن يصلي إلى ظهر الرجل ، وأما إلى جنبه فلا ، وروي عنه التخفيف في ذلك ، وقال : لا تصلوا إلى المتحلقين ؛ لأن بعضهم يستقبله ، قال : وأرجو أن يكون واسعا ، وذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرجل يستر إلى الرجل إذا صلى ، وقال الحسن ، وقتادة : يستره إذا كان جالسا ، وعن الحسن يستره ، ولم يشترط الجلوس ، ولا تولية الظهر ، وأكثر العلماء على كراهة [ ص: 296 ] استقباله بوجهه ، وقال نافع : كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية المسجد قال لي : ول ظهرك ، وهو قول مالك ، وقال ابن سيرين : لا يكون الرجل سترة للمصلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية