صفحة جزء
4739 46 - حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا شعبة قال : أخبرني علقمة بن مرثد ، سمعت سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عثمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .


الترجمة والحديث واحد ، وعلقمة بن مرثد بفتح الميم وسكون الراء وفتح المثلثة وبالدال المهملة الحضرمي الكوفي ، وسعد بن عبيدة أبو حمزة الكوفي السلمي ختن أبي عبد الرحمن ، واسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة بالتصغير السلمي الكوفي [ ص: 43 ] القارئ ، ولأبيه صحبة .

والحديث أخرجه البخاري أيضا عن أبي نعيم ، عن سفيان ، وأخرجه أبو داود في الصلاة عن حفص بن عمر ، وأخرجه الترمذي في فضائل القرآن عن محمود بن غيلان وغيره ، وأخرجه النسائي فيه عن أبي قدامة السرخسي وغيره ، وأخرجه ابن ماجه في السنة عن محمد بن بشار به وغيره ، وهنا أدخل شعبة بين علقمة وأبي عبد الرحمن سعد بن عبيدة ، وفي الحديث الآتي خالف الثوري شعبة ولم يدخله بينهما ، وقد تابع شعبة جماعة ، وعدهم الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار في كتابه الهادي في القراءات فوق الثلاثين ، منهم عبد بن حميد وقيس بن الربيع قال : وقد تابع سفيان أيضا جماعة وعدهم فوق العشرين ، منهم مسعر وعمرو بن قيس الملائي ، وأخرج البخاري الطريقين ، فكأنه ترجح عنده أنهما جميعا محفوظان ، ورجح الحفاظ رواية الثوري وعدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد ، ويحمل على أن علقمة سمعه أولا من سعد ثم لقي أبا عبد الرحمن فحدثه به أو سمعه مع سعد من أبي عبد الرحمن ، فثبت فيه سعد .

وعلل أبو الحسن القشيري هذا الحديث بثلاث علل : الأولى : الاختلاف المذكور ، الثانية : وقف من وقفه وإرسال من أرسله ، الثالثة : ما روي عن شعبة أنه قال : لم يسمع أبو عبد الرحمن من عثمان ، وقيل : لأبي حاتم أسمع من عثمان ، قال : روى عنه لا يذكر سماعا ، وأجيب عن الأولى بأنه لا يوجب القدح في الحديث ; لأنا نعلم أن سفيان وشعبة إذا اختلفا في الحديث فالحديث حديث سفيان ، قال وكيع : روى شعبة حديثا فقيل له : إن سفيان يخالفك فيه ، قال : دعوا حديثي ، سفيان أحفظ مني ، وعن الثانية أن الاعتلال بالوقف والإرسال ليس بقادح ; لأن الزيادة عن الحافظ الثقة مقبولة إجماعا ، وعن الثالثة بأن بعضهم قالوا : إن الأكابر من الصدر الأول قالوا : إن أبا عبد الرحمن قرأ القرآن على عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما .

فإن قلت : روى أبو الحسن سعيد بن سلام العطار البصري هذا الحديث عن محمد بن أبان ، عن علقمة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن أبان بن عثمان بن عفان ، عن أبيه عثمان ، قلت : قال الدارقطني : وهم في ذكر أبان في إسناده ، فقال أبو العلاء : فإن ثبتت روايته فالحديث غريب على أنه يحتمل أن يكون السلمي سمع الحديث من أبان ثم سمعه من عثمان نفسه ، وروى عاصم بن علي في إحدى الروايتين عنه ، عن شعبة ، عن مسعر ، عن علقمة ، عن سعد بن عبيدة ، عن السلمي ، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، فإن ثبتت هذه الرواية فهو غريب جدا ، ورواه محمد بن أبي بكر الحضرمي ، عن شريك ، عن عاصم بن بهدلة ، عن السلمي ، عن ابن مسعود ، قال الدارقطني : وأصحها علقمة ، عن سعد ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عثمان مرفوعا ، وقد أدرج بعض الرواة في هذا الحديث كلمات يظن من لا علم له بمساق الحديث أنها مرفوعة ، وهو أن أبا يحيى إسحاق بن سليمان الرازي روى عن الجراح بن الضحاك ، عن علقمة ، عن السلمي ، عن عثمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الخالق على المخلوق ; وذلك أنه منه " وهذه الزيادة إنما هي من كلام أبي عبد الرحمن ، قال ذلك عامة الحفاظ بينها إسحاق بن راهويه وغيره . قوله " وعلمه " بواو العطف عند الأكثرين ، وفي رواية السرخسي " أو علمه " بكلمة أو للتنويع لا للشك ، وفي الحديث دلالة على أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها ; لأنه لما كان من تعلم القرآن أو علمه أفضل الناس أو خيرهم دل على ما قلنا ، فإن قلت : أيما أفضل : تعلم القرآن ، أو تعلم الفقه ؟ قلت : قال ابن الجوزي : تعلم اللازم منهما فرض على الأعيان ، وتعلم جميعهما فرض على الكفاية ، إذا قام به قوم سقط عن الباقين ، فإن فرضنا الكلام في التزيد منهما على قدر الواجب في حق الأعيان فالمتشاغل بالفقه أفضل ، وذلك راجع إلى حاجة الإنسان ; لأن الفقه أفضل من القراءة ، وإنما كان القارئ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفقه ; فلذلك قدم القارئ في الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية