صفحة جزء
4908 ( باب ما يكره من ضرب النساء وقوله : واضربوهن ضربا غير مبرح )


أي هذا باب في بيان ما يكره من ضرب النساء وأراد به الضرب المبرح فإنه يكره كراهة تحريم ، وإنما ذكر قوله تعالى : واضربوهن توفيقا بين الكتاب والسنة ، ولهذا قال : "غير مبرح" بكسر الراء المشددة ومعناه غير شديد الأذى ، وعن قتادة : غير شائن ، وعن الحسن البصري : غير مؤثر ، وقال ابن بطال : قال بعضهم أمر الله عز وجل بهجر النساء في المضاجع وضربهن تذليلا منه لهن وتصغيرا على إيذاء بعولتهن ولم يأمر بشيء في كتابه بالضرب صريحا إلا في ذلك ، وفي الحدود العظام فتساوى معصيتهن لأزواجهن بمعصية أهل الكبائر ، وولى الأزواج ذلك دون الأئمة وجعله لهم دون القضاة بغير شهود ولا بينة ائتمانا من الله عز وجل للأزواج على النساء ، وقال المهلب : إنما يكره من ضرب النساء التعدي فيه والإسراف ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال : ضرب العبد من أجل الرق يزيد فوق ضرب الحر لتباين حاليهما ، ولأن ضرب النساء إنما جاز من أجل امتناعها على زوجها من أجل المباضعة ، وقال ابن التين : واختلف في وجوب ضربها في الخدمة ، والقياس يوجب أنه إذا جاز ضربها في المباضعة جاز في الخدمة الواجبة للزوج عليها بالمعروف ، وقال ابن حزم : لا يلزمها أن تخدم زوجها في شيء أصلا لا في عجين ولا في طبخ ولا كنس ولا غزل ولا غير ذلك ، ثم نقل عن أبي ثور أنه قال عليها أن تخدمه في كل شيء ويمكن أن يحتج له بالحديث الصحيح أن فاطمة رضي الله تعالى عنها شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجد من الرحى ، وبقول أسماء رضي الله تعالى عنها : كنت أخدم الزبير رضي الله تعالى عنه ، ولا حجة فيهما لأنه ليس فيهما أنه صلى الله عليه وسلم أمرهما وإنما كانتا متبرعتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية