صفحة جزء
4916 143 - حدثنا يوسف بن راشد ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، حدثنا أيوب وخالد ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم ، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم . قال أبو قلابة : ولو شئت لقلت إن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .


[ ص: 201 ] هذا طريق آخر في الحديث السابق ، أخرجه عن يوسف بن موسى بن راشد - نسب إلى جده وهو القطان - الكوفي ، سكن بغداد ، وهو من أفراده ، وأبو أسامة حماد بن أسامة ، وسفيان هو الثوري ، وأيوب هو السختياني ، وأبو قلابة هو عبد الله بن زيد .

وأخرج الطحاوي هذا الحديث من عشر طرق صحاح ، ثم قال : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا تزوج الثيب أنه بالخيار ; إن شاء سبع لها وسبع لسائر نسائه ، وإن شاء أقام عندها ثلاثا ودار على بقية نسائه يوما يوما وليلة ليلة . قلت : أراد بالقوم إبراهيم النخعي وعامرا الشعبي ومالكا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور وأبا عبيد ، ثم قال : وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا : إن ثلث لها ثلث لسائر نسائه ، كما إذا سبع لها سبع لسائر نسائه . قلت : أراد بالقوم هؤلاء حماد بن أبي سليمان والحكم بن عتبة وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدا رحمهم الله ، واحتجوا في ذلك بحديث أم سلمة - أخرجه الطحاوي - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : إن شئت سبعت عندك سبعت عندهن . وأخرجه أحمد في مسنده مطولا ، وأخرجه الطبراني بأطول منه ، وأخرجه أبو يعلى أيضا والبيهقي ، قال الطحاوي : فلما قال لها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " إن شئت سبعت لك سبعت عندهن " ; أي أعدل بينهن وبينك فأجعل لكل واحدة منهن سبعا كما أقمت عندك سبعا . كذلك إذا جعل لها ثلاثا جعل لكل واحدة منهن ثلاثا ، وقالت الشافعية : حديث أنس المذكور حجة على الحنفية . قلت : كذلك حديث أم سلمة حجة على الشافعية ، واحتجت الحنفية أيضا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم بين نسائه فيعدل . . . الحديث ، رواه الأربعة ، وقد مر عن قريب ، فظاهره يقتضي المساواة بينهن مطلقا .

قوله ( من السنة ) ، قد ذكرنا عن قريب أن هذا اللفظ يقتضي كون الحديث مرفوعا ، ولما ذكر الترمذي حديث خالد الحذاء صححه ثم قال : وقد رفعه محمد بن إسحاق عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ، ولم يرفعه بعضهم . قلت : ورواه ابن ماجه من طريق ابن إسحاق مرفوعا عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : للثيب ثلاث ، وللبكر سبع . وأخرجه الإسماعيلي أيضا مرفوعا كذلك من طريق عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكذلك أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما مرفوعا .

قوله ( وقسم ، ثم قال : أقام عندها ثلاثا ثم قسم ) بالواو في الأول وبلفظ " ثم " في الثاني ، ووقع عند الإسماعيلي وأبي نعيم من طريق حمزة بن عون بلفظ " ثم " في الموضعين .

قوله ( ثلاثا ) ; أي ثلاث ليال مع أيامها .

واختلف العلماء في المقام المذكور هل هو من حقوق المرأة على الزوج أو من حقوق الزوج على سائر نسائه ؟ فقالت طائفة : هو حق المرأة ، إن شاءت طالبته وإن شاءت تركته . وقال آخرون : هو من حق الزوج ، إن شاء أقام عندها وإن شاء لم يقم ، فإن أقام عندها ففيه الخلاف المذكور ، وإن لم يقم عندها إلا ليلة دار ، وكذلك إن أقام ثلاثا دار على ما مضى من الخلاف المذكور ، والأول أولى لإخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك حق البكر والثيب .

وهل يتخلف العروس في هذه المدة عن صلاة الجماعة والجمعة ؟ فروى ابن القاسم عن مالك أنه لا يتخلف عنها ، وقال سحنون : قد قال بعض الناس إنه لا يخرج لأن ذلك حق لها بالسنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية