صفحة جزء
4955 3 - حدثنا الحميدي ، حدثنا الوليد ، حدثنا الأوزاعي قال : سألت الزهري أي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذت منه ؟ قال : أخبرني عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منها قالت : أعوذ بالله منك ! فقال لها : لقد عذت بعظيم ! الحقي بأهلك .


مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله " الحقي بأهلك " ; لأنه كناية عن الطلاق ، وقد واجهها النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فدل على أنه يجوز ، ولكن تركه أرفق وألطف إلا إن احتيج إلى ذلك .

والحميدي هو عبد الله بن الزبير بن عيسى منسوب إلى حميد أحد أجداده ، والوليد هو ابن مسلم الدمشقي ، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو ، والزهري محمد بن مسلم .

والحديث أخرجه النسائي في النكاح أيضا عن حسين بن حريث ، وأخرجه ابن ماجه فيه أيضا عن دحيم .

قوله ( إن ابنة الجون ) بفتح الجيم وسكون الواو وفي آخره نون ، اسمها أميمة ، وقال الكرماني : مصغر الأمة . قلت : مصغر الأمة أمية ، وهذه أميمة مصغر أمة بضم الهمزة وتشديد الميم .

ووقع في كتاب الصحابة لأبي نعيم عن عائشة أن عمرة بنت الجون تعوذت من رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - حين أدخلت عليه ، وفي سنده عبيد بن القاسم متروك ، وقيل : اسمها أسماء بنت كند الجونية . رواه يونس عن ابن إسحاق ، وقال ابن عبد البر : أجمعوا على أنه تزوج أسماء بنت النعمان بن أبي الجون بن شراحيل . وقيل : أسماء بنت الأسود بن الحارث بن النعمان الكندية .

واختلفوا في فراقها ; فقيل : لما دخلت عليه دعاها فقالت : تعال أنت ! وأبت أن تجيء ، وزعم بعضهم أنها استعاذت منه فطلقها ، وقيل : بل كان بها وضح كوضح العامرية ، ففعل بها كفعله بها . وقيل : المستعيذة امرأة من بلعنبر من سبي ذات الشقوق - بضم الشين المعجمة وبالقافين أولاهما مضمومة وهي اسم منزل بطريق مكة - وكانت جميلة ، فخافت نساؤه أن تغلبهن عليه ، فقلن لها : إنه يعجبه أن تقولي أعوذ بالله منك ! وقال ابن عقيل : نكح - صلى الله تعالى عليه وسلم - امرأة من كندة وهي الشقية ، فسألته أن يردها إلى أهلها فردها إلى أهلها مع أبي أسيد ، فتزوجها المهاجر بن أبي أمية ثم خلف عليها قيس بن مكشوح .

وفي الاستيعاب : تزوج رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - عمرة بنت يزيد الكلابية ، فبلغه أن بها بياضا فطلقها . وقيل : إنها هي التي تعوذت منه . وذكر الرشاطي أن أباها وصفها لسيدنا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقال : وأزيدك أنها لم تمرض قط ! فقال : ما لهذه عند الله خير قط ! فطلقها ولم يبن عليها . وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا أسيد الساعدي ليخطب عليه هند بنت يزيد بن البرصاء ، فقدم بها عليه ، فلما بنى عليها ولم يكن رآها رأى بها بياضا فطلقها . وذكر الشهرستاني تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت الضحاك الكلابية ، فلما خير نساءه اختارت قومها ، فكانت تلقط البعر [ ص: 230 ] وتقول : أنا الشقية !

قوله ( لقد عذت ) بالذال المعجمة ، من العوذ وهو الالتجاء .

قوله ( بعظيم ) ; أي برب عظيم .

قوله ( الحقي ) بكسر الهمزة وسكون اللام من اللحوق ، وقال ابن المنذر : اختلفوا في قول " الحقي بأهلك " وشبهه من كنايات الطلاق ; فقالت طائفة : ينوي في ذلك ، فإن أراد طلاقا كان طلاقا ، وإن لم يرده لم يلزمه شيء . هذا قول الثوري وأبي حنيفة ; قالا : إذا نوى واحدة أو ثلاثا فهو ما نوى ، وإن نوى ثنتين فهي واحدة . وقال مالك : إن أراد به الطلاق فهو ما نوى واحدة أو ثنتين أو ثلاثا ، وإن لم يرد شيئا فليس بشيء . وقال الحسن والشعبي : إذا قال الحقي بأهلك أو لا سبيل لي عليك أو الطريق لك واسع - إن نوى طلاقا فهي واحدة ، وإلا فليس بشيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية