صفحة جزء
باب لا طلاق قبل النكاح


أي : هذا باب في بيان أنه لا طلاق قبل وجود النكاح .

وقال الكرماني : مذهب الحنفية صحة الطلاق قبل النكاح ، فأراد البخاري الرد عليهم .

قلت : لم تقل الحنفية إن الطلاق يقع قبل وجود النكاح ، وليس هذا بمذهب لأحد ، فالعجب من الكرماني ومن وافقه في كلامه هذا ! كيف يصدر منهم مثل هذا الكلام ثم يردون به عليهم من غير وجه ؟ وإنما تشبثهم في [ ص: 246 ] هذا بمسألة التعليق وهي ما إذا قال رجل لأجنبية إذا تزوجتك فأنت طالق ! فإذا تزوجها يقع الطلاق عند الحنفية خلافا للشافعية ، فإن أشلاءهم على الحنفية هاهنا ، ويحتجون فيما ذهبوا إليه بقول ابن عباس على ما يجيء الآن وبما رواه أحمد وابن ماجه من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا طلاق لابن آدم فيما لا يملك ، ولا بيع فيما لا يملك . والحنفية يقولون : هذا تعليق بالشرط وهو يمين ، فلا يتوقف صحته على وجود ملك المحل كاليمين بالله ، وعند وجود الشرط يقع الطلاق وهو طلاق بعد وجود النكاح ، فكيف يقال إنه طلاق قبل النكاح ؟ والطلاق قبل النكاح فيما إذا قال لأجنبية أنت طالق فهذا كلام لغو ، وفي مثل هذا يقال لا طلاق قبل النكاح .

والحديث المذكور لم يصح - قاله أحمد ، وقال أبو الفرج : روي بطريق مخية بمرة . وقال ابن العربي : أخبارهم ليس لها أصل في الصحة ، فلا تشتغل بها ، ولئن صح فهو محمول على التخيير .

التالي السابق


الخدمات العلمية