صفحة جزء
4971 19 - حدثنا أزهر بن جميل ، حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم ، قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة .


مطابقته للترجمة من حيث إن فيه بيان كيف الطلاق في الخلع ، وأزهر بفتح الهمزة وسكون الزاي وفتح الهاء ، ابن جميل بفتح الجيم أبو محمد البصري مات سنة إحدى وخمسين ومائتين ، وهو من أفراده ، لم يخرج عنه في الخلع غير هذا الموضع ، وقد أخرجه النسائي عنه أيضا ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي بالثاء المثلثة والقاف والفاء ، وخالد هو ابن مهران الحذاء .

قوله : " أن امرأة ثابت بن قيس " أبهم البخاري اسمها هنا ، وفي الطريق التي بعدها وسماها في آخر الباب بجميلة بفتح الجيم وكسر الميم قال [ ص: 263 ] أبو عمر : جميلة بنت أبي بن سلول امرأة ثابت بن قيس التي خالعته وردت عليه حديقته ، هكذا روى البصريون ، وخالفهم أهل المدينة فقالوا : إنها حبيبة بنت سهل الأنصاري ، قال : وكانت جميلة قبل ثابت بن قيس تحت حنظلة بن أبي عامر الغسيل ، ثم تزوجها بعده ثابت بن قيس بن مالك بن دخشم ، ثم تزوجها بعده حبيب بن إساف الأنصاري .

وقال شيخنا زين الدين رحمه الله تعالى : اختلفت طرق الحديث في اسم امرأة ثابت بن قيس التي خالعها ، ففي أكثر طرقه أن اسمها حبيبة بنت سهل ، هكذا عند مالك في ( الموطإ ) من حديثها ، ومن طريقه رواه أبو داود والنسائي ، وكذا في حديث عائشة عند أبي داود ، وكذا في حديث عبد الله بن عمر ، وعند ابن ماجه بإسناد صحيح عن ابن عباس إنها جميلة بنت سلول ، وسلول هي أمها ، ويقال : اختلف في سلول هل هي أم أبي أو امرأته ، ووقع في رواية النسائي والطبراني من حديث الربيع بنت معوذ : جميلة بنت عبد الله بن أبي ، وبذلك جزم ابن سعد في ( الطبقات ) فقال : جميلة بنت عبد الله بن أبي ، ووقع في رواية البخاري عن عكرمة أخت عبد الله بن أبي ، وهو كبير الخزرج ورأس النفاق ، وقع عند النسائي وابن ماجه بإسناد جيد من حديث الربيع بنت معوذ أن اسمها مريم المغالية ، وعند الدارقطني والبيهقي من رواية أبي الزبير أن ثابت بن قيس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي بن سلول ، قال الشيخ : وأصح طرقه حديث حبيبة بنت سهل على أنه يجوز أن يكون الخلع قد تعدد غير مرة من ثابت بن قيس لهذه فإن في بعض طرقه أصدقها حديقة ، وفي بعضها حديقتين ، ولا مانع أن يكون واقعتين فأكثر ، وقد صح كونها حبيبة ، وصح كونها جميلة ، وصح كونها مريم ، وأما تسميتها زينب فلم يصح .

( قلت ) : لم يذكر أبو عمر مريم ، وذكرها الذهبي وقال : مريم الأنصارية المغالية من بني مغالة امرأة ثابت بن قيس ، لها ذكر في حديث الربيع . انتهى . وثابت بن قيس بن شماس بن مالك بن امرئ القيس الخزرجي وكان خطيب الأنصار ، ويقال : خطيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كما يقال : لحسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شهد أحدا .

وما بعدها من المشاهد ، وقتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه .

قوله : " وما أعتب " بضم التاء المثناة من فوق وكسرها من عتب عليه إذا وجد عليه ، يقال : عتب على فلان أعتب عتبا والاسم المعتبة ، والعتاب هو الخطاب بإدلال ، ويروى : وما أعيب بالياء آخر الحروف من العيب أي : لا أغضب عليه ولا أريد مفارقته لسوء خلقه ولا لنقصان دينه ، ولكن أكرهه طبعا ، فأخاف على نفسي في الإسلام ما ينافي مقتضى الإسلام باسم ما ينافي نفس الإسلام وهو الكفر ، ويحتمل أن يكون من باب الإضمار أي : لكني أكره لوازم الكفر من المعاداة والنفاق والخصومة ونحوها ، وجاء في رواية جرير بن حازم إلا أني أخاف الكفر ، قيل : كأنها أشارت إلى أنها قد تحملها شدة كراهتها على إظهار الكفر لينفسخ نكاحها منه وهي تعرف أن ذلك حرام ، لكن خشيت أن يحملها شدة البغض على الوقوع فيه ، وقيل : يحتمل أن يريد بالكفر كفران العشير إذ هو تقصير المرأة في حق الزوج ، وجاء في رواية ابن جرير : والله ما كرهت منه خلقا ولا ذنبا إلا أني كرهت دمامته ، وفي رواية أخرى له قالت : يا رسول الله لا يجمع رأسي ورأسه شيئا أبدا ، إني رفعت جانب الحياء فرأيته أقبل في عدة ، فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها ، الحديث ، وفي رواية ابن ماجه : كان رجلا دميما فقالت : يا رسول الله والله لولا مخافة الله إذا دخل علي بصقت في وجهه ، وعن عبد الرزاق عن معمر قال : بلغني أنها قالت : يا رسول الله وبي من الجمال ما ترى ، وثابت رجل دميم .

( فإن قلت ) جاء في رواية النسائي أنه كسر يدها ، فكيف تقول : لا أعتب ؟ . إلخ .

( قلت ) : أردت أنه سيئ الخلق لكنها ما تعيبته بذلك ولكن تعييبها إياه كان بالوجوه التي ذكرناها .

قوله : " حديقته " أي : بستانه الذي أعطاها .

قوله : " وطلقها " الأمر فيه للإرشاد والاستصلاح لا للإيجاب والإلزام ، ووقع في رواية جرير بن حازم فردت عليه فأمره ففارقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية