صفحة جزء
4976 باب خيار الأمة تحت العبد


أي : هذا باب في بيان جواز الخيار للأمة التي كانت تحت العبد إذا أعتقت ، وهذه الترجمة تدل على أن البخاري ترجح عنده قول من قال : كان زوج بريرة عبدا ، واعترض عليه بأنه ليس في حديث الباب أن زوجها كان عبدا ، وأجيب بأن عادته أنه يشير إلى ما في بعض طرق الحديث الذي يورده ، وقصة بريرة لم تتعدد ، فترجح عنده أنه كان عبدا أسود ، وأخرج الجماعة إلا مسلما عن عكرمة عن ابن عباس : أن زوج بريرة كان عبدا أسود ، فالبخاري أخرجه في هذا الباب ، وأخرجه أبو داود في الطلاق [ ص: 267 ] عن قتادة به ، وأخرجه الترمذي في الرضاع عن أيوب وقتادة عن عكرمة ، وأخرجه النسائي في القضاء عن خالد الحذاء به ، وأخرجه ابن ماجه في الطلاق عن خالد الحذاء عن عكرمة به ، وأخرجه الدارقطني وزاد فيه : وأمرها أن تعتد عدة الحرة ، هكذا عزاه عبد الحق في أحكامه للدارقطني ولم أجده فليراجع ، لكنه في ابن ماجه من حديث عائشة : وأمرها أن تعتد ثلاث حيض ، وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب والحسن البصري وابن أبي ليلى والأوزاعي والزهري والليث بن سعد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق ، واستدلوا أيضا بما أخرجه مسلم وأبو داود عن هشام بن عروة عن عائشة محيلا على ما قبله في قصة بريرة ، وزاد : وقال : وكان زوجها عبدا فخيرها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فاختارت نفسها ، ولو كان حرا لم يخيرها . انتهى . قيل : هذا الأخير من كلام عروة قطعا لوجهين : أحدهما أنه قال : وفاعله مذكر ، والثاني : أن النسائي صرح فيه بقوله : قال عروة : ولو كان حرا ما خيرها ، وكذلك رواه ابن حبان في ( صحيحه ) بلفظ النسائي ، وقال الطحاوي : يحتمل أن يكون هذا من كلام عائشة ، ويحتمل أن يكون من كلام عروة ، فبالاحتمال الأول لا يثبت الاحتجاج القطعي ، ولئن سلمنا أنه من كلام عائشة ولكن قد تعارضت روايتاها ، فسقط الاحتجاج بهما .

( فإن قلت ) : رواية الأسود قد عارضها من هو ألصق بعائشة وأقعد بها من الأسود وهما القاسم بن محمد وعروة بن الزبير ، فرويا عنها أنه كان عبدا ، والأسود كوفي سمع منها من وراء الحجاب ، وعروة والقاسم كانا يسمعان منها بغير حجاب لأنها خالة عروة وعمة القاسم ، فهما أقعد بها من الأسود .

( قلت ) : لا كلام في صحة الطريقين ، والأقعدية لا تنافي التعارض فافهم ، واستدلت طائفة بأنه كان حرا بحديث أخرجه الترمذي من حديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : كان زوج بريرة حرا حين أعتقت وأنها خيرت ، وكذلك في رواية النسائي وابن ماجه : كان حرا ، وذهب طائفة أنه كان حرا وهم الشعبي والنخعي والثوري ومحمد بن سيرين وطاوس ومجاهد وأبو ثور وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وآخرون ، ولكنهم قالوا : الأمة إذا أعتقت فلها الخيار في نفسها سواء أكان زوجها حرا أو عبدا ، وإليه ذهب الظاهرية ، وقالت الطائفة الأولى : إن كان زوجها عبدا فلها الخيار وإن كان حرا فلا خيار لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية