صفحة جزء
5070 12 - حدثنا محمد بن سنان، حدثنا همام، عن قتادة قال: كنا عند أنس وعنده خباز له، فقال: ما أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - خبزا مرققا ولا شاة مسموطة حتى لقي الله.


مطابقته للترجمة ظاهرة. ومحمد بن سنان بكسر السين المهملة وتخفيف النون وبعد الألف نون أخرى أبي بكر العوفي الباهلي الأعمى، وهمام بتشديد الميم الأولى هو ابن يحيى بن دينار الشيباني البصري. والحديث أخرجه البخاري أيضا في الرقاق، وأخرجه ابن ماجه في الأطعمة عن إسحاق بن منصور وغيره.

قوله: "ولا شاة مسموطة" قال ابن الأثير: الشاة السميط، أي: المشوية فعيل بمعنى مفعول، قال ابن الجوزي: وهو أكل المترفين، وإنما كانوا يأخذون الجلد لينتفعوا به، ويقال: المسموط الذي أزيل شعره بالماء المسخن ويشوى بجلده، أو يطبخ، وإنما يفعل ذلك في الصغير السن الطري، وذلك من فعل المترفين من وجهين: أحدهما المبادرة إلى ذبح ما لو بقي لازداد ثمنه، وثانيهما أن المسلوخ ينتفع بجلده في اللبس وغيره، وعبارة ابن بطال: المسموط المشوية بجلدها.

وقال صاحب العين: سمطت الجمل أسمطه سمطا، تنقيه من الصوف بعد إدخاله في الماء الحار، وقال صاحب الأفعال: سمط الجدي وغيره علقه، من السموط وهي معاليق من السرج، وقال الداودي: المسموط التي يغلى لها الماء، فتدخل فيه بعد أن تذبح ويزال بطنها، فيزول عنها الشعر أو الصوف، ثم تشوى.

وقال ابن بطال: أكل المرقق جائز مباح، ولم يتركه سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا زهدا في الدنيا، وتركا للتنعم، وإيثارا لما عند الله، وغير ذلك، وكذلك الأكل على الخوان، وليس نفي أنس - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل على خوان، ولا أنه أكل شاة سميطا يرد قول من روى أنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - أكل على خوان وأنه أكل شواء، وإنما أخبر كل بما علم، ومن علم حجة على من لم يعلم ; لأنه زاد عليه فوجب قبولها، وكذلك قال أنس: ما أعلم أو ما رأيت أنه أكل شاة مسموطة، ولم يقطع على أنه لم يأكل، وجرى ابن بطال فيما قاله على أن المسموط هو المشوي عنده.

فإن قلت: إذا كان المسموط هو المشوي عنده فيعارضه حديث أم سلمة الذي أخرجه الترمذي أنها قربت للنبي - صلى الله عليه وسلم - جنبا مشويا فأكل منه.

قلت: الجواب ما ذكرناه من أن من علم حجة على من لم يعلم إلى آخره.

التالي السابق


الخدمات العلمية