صفحة جزء
5263 وقال معن: سألت مالك بن أنس عن الفقاع، فقال: إذا لم يسكر فلا بأس، وقال ابن الدراوردي: سألنا عنه، فقالوا: لا يسكر لا بأس به.


معن بفتح الميم، وسكون العين المهملة، وبالنون، ابن عيسى القزاز بالقاف، وتشديد الزاي الأولى، قال ابن سعد: مات بالمدينة في شوال سنة ثمان وتسعين ومائة، وقال صاحب التلويح: هذا التعليق أخذه البخاري عن معن مذاكرة، فيما قاله بعض العلماء.

قلت: كيف يتصور أخذ البخاري عن معن، ومولده في شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وكان عمره يوم مات معن أربع سنين، وكأنه غره ما حكاه ابن الصلاح في تعاليق البخاري عن شيوخه مطلقا، لا في خصوص هذا الأثر، وأراد ببعض العلماء ابن الصلاح، وأبعد صاحب التوضيح حيث قال: أخذ البخاري هذا التعليق عن معن مذاكرة، وهو قلد صاحب التلويح، وزاد في البعد مسافة.

قوله: (عن الفقاع) بضم الفاء، وتشديد القاف، وبالعين المهملة، قال الكرماني: المشروب المشهور.

قلت: الفقاع لا يشرب بل يمص من كوزه.

وقال بعضهم: الفقاع معروف قد يصنع من العسل، وأكثر ما يصنع من الزبيب.

قلت: لم يقل أحد أن الفقاع يصنع من العسل بل أهل الشام يصنعونه من الدبس، وفي عامة البلاد ما يصنع إلا من الزبيب المدقوق، وحكم شربه ما قاله مالك: إن لم يسكر لا بأس به، والفقاع لا يسكر، نعم إذا بات في إنائه الذي يصنعونه فيه ليلة في الصيف أو ليلتين في الشتاء يشتد جدا، ومع هذا لا يسكر، وقد سئل بعض مشايخنا: ما قول السادة العلماء في فقاع يتخذ من زبيب بحيث إنه إذا قلع سداد كوزه لا يبقى فيه شيء من شدته، يخرج وينتثر؟ فقال: لا بأس به، وأما إذا صار بحال بحيث إنه يسكر من شدته فيحرم حينئذ قليلا كان أو كثيرا.

قوله: (وقال ابن الدراوردي) هو عبد العزيز بن محمد، وهذا من رواية معن بن عيسى عنه أيضا، والظاهر أن ابن الدراوردي سأل عن فقهاء أهل المدينة في زمانه، وهو قد شارك مالكا في لقاء أكثر مشايخه المدنيين.

التالي السابق


الخدمات العلمية