صفحة جزء
5371 18 - حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن أجر الحجام فقال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه وقال: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحري وقال: لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة وعليكم بالقسط.


مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث، وعبد الله هو ابن المبارك والحديث من أفراده.

قوله: "عن أجر الحجام" أي: عن أجرته.

قوله: "أبو طيبة" بفتح الطاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الموحدة، واسمه نافع على الأكثر كان مولى لبني بياضة.

قوله: "من طعام" أي: من قمح.

قوله: "فخففوا عنه" أي: خففوا ضريبته يعني خراجه الذي عينوه عليه.

قوله: "وقال: إن أمثل" موصول بالإسناد المذكور، ومعنى "إن أمثل" أي: إن أفضل.

قوله: "القسط" بضم القاف. وقد مر تفسيره عن قريب.

قوله: "بالغمز" أي: بالعصر بالأصابع كانت النساء يغمزن لهاة الصبي لأجل العذرة. وقد مر تفسيرها أيضا. والخطاب في "لا تعذبوا" لأهل الحجاز ومن كان في معناهم من أهل البلاد الحارة; لأن دماءهم رقيقة، وتميل إلى ظاهر الأبدان لجذب الحرارة الخارجة من أبدانهم إلى سطح البدن، ويؤخذ من هذا أيضا أن الخطاب لغير الشيوخ لقلة الحرارة في أبدانهم.

وقد أخرج الطبري بسند صحيح، عن ابن سيرين قال: إذا بلغ الرجل أربعين سنة لم يحتجم قال بعضهم: وهذا محمول على من لم تتعين حاجته إليه، وعلى من لم يعتد به.

قلت: هذا أيضا يتمشى فيمن لا تتعين حاجته إليه من الشبان ممن كانوا قبل الأربعين، وفيمن لا يعتد به منهم، وقيل: الأطباء على خلاف ما قاله ابن سيرين، وقال ابن سينا في أرجوزته المطولة في الفصادة:


ومن يكن تعود الفصاده فلا يكن يقطع تلك العاده     لكن من قد بلغ الستينا
وكان ذا ضخامة مبينا     فافصده في سنة مرتين
ولا تحد فيه عن الفصلين     إن بلغ السبعين فافصد مره
ولا تزد فيه على ذي الكره     وإن يزد خمسا ففي العامين
في الباسليق افصده مرتين     وامنعه بعد ذاك كل فصد
فإن ذاك بالشيوخ مردي



التالي السابق


الخدمات العلمية