صفحة جزء
5435 82 - حدثنا علي، حدثنا مروان، أخبرنا هاشم، أخبرنا عامر بن سعد، عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل، وقال غيره: سبع تمرات.


مطابقته للترجمة ظاهرة.

وعلي هو ابن عبد الله بن المديني فيما ذكره أبو نعيم في المستخرج والمزي في الأطراف، وقال الكرماني في بعض النسخ: علي بن سلمة بفتح اللام اللبقي بالباء الموحدة المفتوحة وبالقاف.

وقال بعضهم: ما عرفت سلفه فيه، قلت: مقصوده التشنيع على الكرماني بغير وجه; لأنه ما ادعى فيه جزما أنه علي بن سلمة، وإنما نقله عن نسخة هكذا، ولو لم تكن النسخة معتبرة لما نقله منها، ومروان هو ابن معاوية الفزاري، وهاشم هو ابن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، يروي عن ابن عمر، عن أبيه عامر بن سعد بن أبي وقاص أحد العشرة.

والحديث قد مضى في كتاب الأطعمة في باب العجوة.

قوله: "من اصطبح" في رواية أبي أسامة: "من تصبح" وكذا في الرواية المتقدمة في الأطعمة، وكذا في رواية مسلم من حديث ابن عمر، وكلاهما بمعنى التناول صباحا، وأصل الصبوح والاصطباح تناول الشراب صبحا، ثم استعمل في الأكل، ومقابلة الصبوح الغبوق والاغتباق، وحاصل معنى قوله: "من اصطبح" أي: من أكل في الصباح كل يوم تمرات، لم يذكر العدد في رواية علي المذكور شيخ البخاري، ووقع في غير هذه الرواية مقيدا بسبع تمرات على ما يجيء.

قوله: "تمرات" منصوب بقوله: "اصطبح".

قوله: "عجوة" يجوز فيه الإضافة بأن يكون "تمرات" مضافة إلى العجوة كما في قولك: "ثياب خز" ويجوز فيها التنوين على أنه عطف بيان أو صفة لتمرات.

وقال بعضهم: يجوز النصب منونا على تقدير فعل أو على التمييز، قلت: فيه تأمل لا يخفى.

قوله: "سم" بتثليث السين فيه.

قوله: "ذلك اليوم" أي: في ذلك اليوم.

قوله: وقال غيره، أي: غير علي شيخ البخاري: "سبع تمرات" بزيادة لفظة "سبع".

ثم الكلام فيه على أنواع.

(الأول): قيد بقوله: "اصطبح" لأن المراد تناوله بكرة النهار، حتى إذا تعشى بتمرات لا تحصل الفائدة المذكورة، هذا تقييد بالزمان، وجاء في رواية أبي ضمرة التقييد بالمكان أيضا، ولفظه: "من تصبح [ ص: 287 ] بسبع تمرات عجوة من تمر العالية" والعالية القرى التي في جهة العالية من المدينة، وهي جهة نجد، وله شاهد عند مسلم من طريق ابن أبي مليكة، عن عائشة بلفظ: "في عجوة العالية شفاء في أول البكرة".

(الثاني): قيد التمرات بالعجوة; لأن السر فيها أنها من غرس النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ذكرنا، ووقع في رواية النسائي من حديث جابر رفعه: "العجوة من الجنة، وهي شفاء من السم" وقال الخطابي: كون العجوة تنفع من السم والسحر إنما هو ببركة دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لتمر المدينة لا لخاصية في التمر، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون نخلا خاصا من المدينة لا يعرف الآن، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك لخاصية فيه، وقيل: يحتمل أن يكون ذلك خاصا بزمانه - صلى الله عليه وسلم - وهذا يرده وصف عائشة لذلك بعد النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - وقال المازري: هذا مما لا يعقل معناه في طريقة علم الطب، ولعل ذلك كان لأهل زمنه - صلى الله عليه وسلم - خاصة أو لأكثرهم.

(الثالث): التقييد بالعدد المذكور، وقال النووي: خصوص كون ذلك سبعا لا يعقل معناه كأعداد الصلوات ونصب الزكوات، وقد جاء هذا العدد في مواطن كثيرة من الطب كحديث: "صبوا علي من سبع قرب" وقوله للمفؤود الذي وجهه للحارث بن كلدة أن يلده بسبع تمرات، وجاء تعويذه بسبع مرات، وقيل: وجه التخصيص فيه لجمعه بين الأفراد والأشفاع; لأنه زاد على نصف العشرة، وفيه أشفاع ثلاثة وأوتار أربعة، وهو من نمط غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا.

(الرابع): التقييد بقوله: "ذلك اليوم إلى الليل" مفهومه أن الفائدة المذكورة فيه ترتفع إذا دخل الليل في حق من تناوله في أول النهار; لأن في ذلك الوقت كان تناوله على الريق.

وقال بعضهم: يحتمل أن يلحق به من يتناوله أول الليل على الريق كالصائم، قلت: في حديث ابن أبي مليكة: "شفاء في أول البكرة أو ترياق" وهذا يدفع الاحتمال المذكور.

التالي السابق


الخدمات العلمية