صفحة جزء
578 وقوله عز وجل: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون وقوله: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة


وقول الله مجرور لأنه عطف على لفظ بدء وقوله الثاني عطف عليه، وإنما ذكر هاتين الآيتين إما للتبرك أو لإرادة ما بوب له وهو بدء الأذان، وإن ذلك كان بالمدينة والآيتان المذكورتان مدنيتان، وعن ابن عباس إن فرض الأذان نزل مع الصلاة يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة رواه أبو الشيخ أما الآية الأولى ففي سورة المائدة وإيراد البخاري هذه الآية هاهنا إشارة إلى بدء الأذان بالآية المذكورة كما ذكرنا، وعن هذا قال الزمخشري في تفسيره: قيل: فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده. قوله: وإذا ناديتم إلى الصلاة يعني إذا أذن المؤذن للصلاة وإنما أضاف النداء إلى جميع المسلمين لأن المؤذن يؤذن لهم ويناديهم فأضاف إليهم فقال: وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا يعني الكفار إذا سمعوا الأذان استهزؤوا بهم وإذا رأوهم ركوعا سجودا ضحكوا عليهم واستهزؤوا بذلك. قوله: ( ذلك ) يعني الاستهزاء بأنهم قوم لا يعقلون يعني لا يعلمون ثوابهم، وقال أسباط، عن السدي قال: (كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي أشهد أن محمدا رسول الله قال: حرق الكاذب فدخلت خادمته ليلة من الليالي بنار وهو نائم وأهله نيام فسقطت شرارة فأحرقت البيت فاحترق هو وأهله) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وأما الآية الثانية ففي سورة الجمعة فقوله: إذا نودي للصلاة أراد بهذا النداء الأذان عند قعود الإمام على المنبر للخطبة ذكره النسفي في تفسيره واختلفوا في هذا فمنهم من قال: إن الأذان كان وحيا لا مناما وقيل: إنه أخذ من أذان إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الحج: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر قال: فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: نزل به جبريل عليه الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والأكثرون على أنه كان برؤيا عبد الله بن زيد وغيره على ما يجيء إن شاء الله تعالى.

واعلم أن النداء عدي في الآية الأولى بكلمة إلى، وفي الثانية باللام لأن صلاة الأفعال تختلف بحسب مقاصد الكلام، والمقصود في الأولى معنى الانتهاء، وفي الثانية معنى الاختصاص، ويحتمل أن يكون إلى بمعنى اللام وبالعكس لأن الحروف ينوب بعضها عن بعض.

التالي السابق


الخدمات العلمية