صفحة جزء
5576 131 - حدثني محمد قال: أخبرني مخلد قال: أخبرني ابن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن حفص أن عمر بن نافع أخبره، عن نافع مولى عبد الله أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن القزع، قال عبيد الله: قلت: وما القزع؟ فأشار لنا عبيد الله، قال: إذا حلق الصبي وترك هاهنا شعرة، وهاهنا، وهاهنا - فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه - قيل لعبيد الله: فالجارية والغلام؟ قال: لا أدري، هكذا قال: الصبي، قال عبيد الله: وعاودته، فقال: أما القصة والقفا للغلام؛ فلا بأس بهما، ولكن القزع أن يترك بناصيته شعر، وليس في رأسه غيره، وكذلك شق رأسه هذا وهذا.


مطابقته للترجمة ظاهرة. ومحمد هو ابن سلام، ومخلد، بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح اللام، ابن يزيد، بالزاي، الحراني، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وعبيد الله بن حفص هو عبيد الله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، نسبه ابن جريج إلى جده. وعمر بن نافع روى عن أبيه نافع مولى عبد الله بن عمر.

والحديث أخرجه مسلم في اللباس أيضا عن زهير بن حرب وآخرين. وأخرجه أبو داود في الترجل، عن أحمد بن حنبل. وأخرجه النسائي في الزينة، عن عمران بن يزيد وغيره. وأخرجه ابن ماجه في اللباس، عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره.

قوله: " أن عمر بن نافع أخبره عن نافع" وسقط ذكر عمر بن نافع في رواية النسائي وفي رواية ابن عوانة أيضا، وقد صرح الدارقطني في العلل بأن حجاج بن محمد وافق مخلد بن يزيد على ذكر عمر بن نافع. وأخرجه النسائي من رواية سفيان الثوري على الاختلاف [ ص: 58 ] عليه في إسقاط عمر بن نافع وإثباته. وأخرج مسلم، وابن ماجه، وابن حبان وغيرهم، من طرق متعددة، عن عبيد الله بن عمر بإثبات عمر بن نافع، ورواه سفيان بن عيينة، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر بإسقاطه، والعمدة على من زاد.

قوله: " قال عبيد الله" هو موصول بالإسناد المذكور، وهو عبيد الله بن حفص المذكور.

قوله: " وما القزع" يعني قال عبيد الله لعمر بن نافع الذي روى عنه: ما القزع؟ يعني ما كيفية القزع، فظاهر الكلام أن المسؤول عنه هو عمر بن نافع، وقال بعضهم: بين مسلم أن عبيد الله إنما سأل نافعا؛ لأنه أخرجه عن زهير بن حرب، حدثنا يحيى - يعني ابن سعيد - عن عبيد الله، أخبرنا عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القزع. قلت لنافع: وما القزع؟ قال: يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضا. قلت: نعم، هذا صريح أن المسؤول عنه هو نافع، ولكن رواية البخاري لا تصريح فيها بالمسؤول عنه، ولكن ظاهر الكلام أن المسؤول عنه هو عمر بن نافع، ويحتمل أن يكون روى الحديث عن عمر بن نافع، وسأل عن نافع: ما القزع؟

قوله: " فأشار لنا عبيد الله: إذا حلق الصبي.." إلى آخره، فقوله: " إذا حلق الصبي" إلى قوله: " فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته" كلام عمر بن نافع الذي سأل عنه عبيد الله.

وذكر لفظ: " فأشار لنا عبيد الله" مرتين.

الأول: فيه حذف، تقديره: فأشار لنا عبيد الله ناقلا من كلام عمر بن نافع أنه قال: القزع إذا حلق الصبي وترك هاهنا شعرة وهاهنا وهاهنا.

الثاني - وهو قوله: " فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه" من كلام عبيد الله نفسه، وفي التركيب قلاقة; فلهذا قال الكرماني: فإن قلت: ما حاصل هذا الكلام؟ قلت: حاصله أن عبيد الله قال: قلت لشيخي عمر بن نافع: ما معنى القزع؟ فقال: إنه إذا حلق رأس الصبي يترك هاهنا شعر وهاهنا شعر، فأشار عبيد الله إلى ناصيته وطرفي رأسه، يعني فسر لفظ "هاهنا" الأول بالناصية، ولفظتيه الثانية والثالثة بجانبيها.

قوله: " قيل لعبيد الله" لم يدر القائل من هو؟ ويحتمل أن يكون ابن جريج الراوي عنه.

قوله: " فالجارية والغلام" يعني قيل لعبيد الله: فالجارية والغلام في ذلك سواء؟ قال: لا أدري ذلك، هكذا قال: الصبي، يعني لكن الذي قاله هو لفظ الصبي، قال الكرماني: ولا شك أنه ظاهر في الغلام، ويحتمل أن يقال: إنه فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، أو هو للذات الذي له الصبا.

قوله: " وعاودته"؛ أي: عمر بن نافع، " فقال: أما القصة"؛ أي: أما حلق القصة وشعر القفا للغلام خاصة؛ فلا بأس بهما، ولكن القزع غير ذلك، وبينه بقوله: " أن يترك بناصيته شعر.." إلى آخره. و"القصة" بضم القاف وتشديد الصاد المهملة، وقال ابن التين: هي بفتح القاف. وقيل: الضم هو الصواب، والمراد به هنا شعر الصدغين، والمراد بالقفا شعر القفا، وهو مقصور يكتب بالألف، وربما مد.

فإن قلت: ما الحكمة في النهي عن القزع؟ قلت: تشويه الخلقة، وقيل: زي اليهود، وقيل: زي أهل الشر والدعارة، وقال النووي في (شرح مسلم): أجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضع متفرقة، إلا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنـزيه. وقال الغزالي في الإحياء: لا بأس بحلق جميع الرأس لمن أراد التنظيف، ولا بأس بتركه لمن أراد أن يدهن ويترجل. وادعى ابن عبد البر الإجماع على إباحة حلق الجميع، وهو رواية عن أحمد، وروي عنه أنه مكروه؛ لما روي عنه أنه من وصف الخوارج.

التالي السابق


الخدمات العلمية