صفحة جزء
5763 لقول الله تعالى: والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون وقوله: الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين


احتج للحذر من الغضب بالآيتين الكريمتين، كذا سوق الآيتين في رواية كريمة، وفي رواية أبي ذر ساق إلى قوله: والكاظمين الغيظ ثم قال: الآية. وقال بعضهم: وليس في الآيتين دلالة على التحذر من الغضب، إلا أنه لما ضم من يكظم غيظه إلى من يجتنب الفواحش كان في ذلك إشارة إلى المقصود. قلت: ليس كما قال، بل في كل منهما دلالة على التحذر من الغضب؛ أما الآية الأولى ففي مدح الذين يجتنبون كبائر الإثم؛ قال ابن عباس: هو الشرك والفواحش، قال السدي: يعني الزنا، وقال مقاتل: يعني موجبات الحدود.

وإذا ما غضبوا هم يغفرون بمعنى يتجاوزون، ويحلمون، وقد قيل: إن هذه وما قبلها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فإذا كان ما ذكر فيها مدحا، يكون ضده أن لا يتجاوز الشخص إذا غضب؛ فدل ذلك بالضرورة على التحذر من الغضب المذموم. وأما الآية الأخرى؛ ففي مدح المتقين الذين وصفهم الله بهذه الأوصاف المذكورة فيها، فيدل ضد هذه الأوصاف على الذم؛ ومن الذم عدم كظم الغيظ، وعدم العفو عن الناس، وعدم كظم الغيظ هو عين الغضب، فدل ذلك أيضا على التحذر من الغضب، فافهم، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية