صفحة جزء
5784 159 - حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح الكعبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه.


مطابقته للترجمة في قوله: " فليكرم ضيفه"، وأبو شريح، بضم الشين المعجمة وفتح الراء وبالحاء المهملة، واسمه خويلد بن عمرو، وقيل غير ذلك، وهو من بني عدي بن عمرو بن لحي أخي كعب بن عمرو؛ فلذلك قيل له: الكعبي، مات سنة ثمان وستين بالمدينة.

والحديث قد مضى في أوائل كتاب الأدب في باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.

قوله: " جائزته" على وزن فاعله من الجواز وهي العطاء; لأنه حق جوازه عليهم، وقدرها الشارع بيوم وليلة; لأن عادة المسافرين ذلك. وقال السهيلي: روي " جائزته" بالرفع على الابتداء، وهو واضح، وبالنصب على بدل الاشتمال؛ أي: يكرم جائزته يوما وليلة. قوله: " والضيافة ثلاثة أيام" اختلف في أنه هل اليوم والليلة التي هي الجائزة داخلة في الثلاث أم لا؟ وإذا قلنا بدخولها يقدم له في [ ص: 175 ] اليوم الأول ما يقدم عليه من البر والإلطاف، وفي اليومين الآخرين ما يحضره، وإذا قلنا بخروجها فهل هي قبل الثلاثة أو بعدها؟ فقد روى مسلم وأحمد من رواية عبد الحميد بن جعفر عن سعيد المقبري، عن أبي شريح بلفظ: " الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة"؛ فهذا يدل على المغايرة بين الضيافة والجائزة، ويدل على أن الجائزة بعد الضيافة.

وقال ابن بطال: قسم صلى الله عليه وسلم أمر الضيف ثلاثة أقسام يتحفه في اليوم الأول، ويتكلف له في اليوم الثاني، وفي الثالث يقدم إليه ما يحضره، ويخير بعد الثالث كما في الصدقة، وقال ابن بطال أيضا: سئل عنه مالك فقال: يكرمه، ويتحفه يوما وليلة، وثلاثة أيام ضيافة، فهذا يدل على أن اليوم والليلة قبل الضيافة بثلاثة أيام.

قوله: " ولا يحل له أن يثوي عنده" من الثوي، وهو الإقامة في المكان، وفي التوضيح: أن يثوي، بفتح أوله وكسر الواو، وبالفتح في الماضي، ثوى إذا قام، وأثويت عنده، لغة في ثويت؛ أي: لا يقيم عنده بعد الثلاث. قوله: " حتى يحرجه"؛ من الإحراج، ومن التحريج أيضا؛ فعلى الأول بالتخفيف، وعلى الثاني بالتشديد؛ أي لا يضيق صدره بالإقامة عنده بعد الثلاثة، وفي رواية لمسلم: " حتى يؤثمه": يعني يوقعه في الإثم; لأنه قد يغتابه لطول مقامه، أو يظن به ظنا سيئا، وفي رواية لأحمد عن أبي شريح: " قيل: يا رسول الله، وما يؤثمه؟ قال: يقيم عنده لا يجد شيئا يقدمه".

التالي السابق


الخدمات العلمية