صفحة جزء
5791 166 - حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد هو ابن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، مولى الأنصار، عن رافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة أنهما حدثاه أن عبد الله بن سهل، ومحيصة بن مسعود أتيا خيبر، فتفرقا في النخل، فقتل عبد الله بن سهل، فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبد الرحمن وكان أصغر القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كبر الكبر، قال يحيى: ليلي الكلام الأكبر، فتكلموا في أمر صاحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتستحقون قتيلكم، أو قال صاحبكم بأيمان خمسين منكم؟ قالوا: يا رسول الله، أمر لم نره، قال: فتبرئكم يهود في أيمان خمسين منهم، قالوا: يا رسول الله، قوم كفار، فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله، قال سهل: فأدركت ناقة من تلك الإبل، فدخلت مربدا لهم، فركضتني برجلها.


مطابقته للترجمة في قوله: " كبر الكبر"، وفي قوله: " ليلي الكلام الأكبر".

ويحيى بن سعيد الأنصاري. وبشير، بضم الباء الموحدة وفتح الشين المعجمة، ابن يسار، ضد اليمين. ورافع بن خديج، بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال وبالجيم، ابن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة الأنصاري الحارثي الأوسي المديني، سمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، مات سنة ثلاث، وقيل: أربع وسبعين، وكان يوم مات ابن ست وثمانين سنة.

وسهل بن أبي حثمة، بفتح الحاء المهملة وسكون الثاء المثلثة، واسمه عامر بن ساعدة بن عامر أبو يحيى، وقيل: أبو محمد الأنصاري الحارثي المديني، سمع النبي صلى الله عليه وسلم عندهما، ويقال: قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين، وقد حفظ عنه، وعبد الله بن سهل الأنصاري أخو عبد الرحمن بن سهل الأنصاري ابني أخي حويصة ومحيصة ابني مسعود بن كعب بن عامر بن عدي.

ومضى الحديث في آخر الجهاد في باب الموادعة والمصالحة مع المشركين، فإنه أخرجه هناك عن مسدد عن بشر بن المفضل، عن يحيى، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة.. إلى آخره، وبينهما تفاوت في الطول والقصر، واختلاف بعض الألفاظ.

قوله: " ابنا مسعود" بكسر الهمزة تثنية "ابن". قوله: " في أمر صاحبهم"؛ أي: مقتولهم، وهو عبد الله. قوله: " كبر الكبر" بضم الكاف وسكون الباء الموحدة وهو جمع الأكبر؛ أي: قدم الأكبر للتكلم، وإنما أمر أن يتكلم الأكبر في السن; ليحقق صورة القضية وكيفيتها لا أنه يدعيها؛ إذ حقيقة الدعوى إنما هي لأخيه عبد الرحمن. قوله: " قال يحيى" هو يحيى بن سعيد الراوي، قال في روايته: " ليلي الكلام الأكبر" بالرفع؛ أي ليتولى الأكبر الكلام. قوله: " أتستحقون قتيلكم"؛ أي: دية قتيلكم. قوله: " أو قال: صاحبكم" شك من الراوي، وأراد بالصاحب: المقتول. قوله: " بأيمان خمسين منكم" بإضافة "أيمان" إلى "خمسين"؛ أي: بأيمان خمسين رجلا منكم، ويروى: "بأيمان" بالتنوين في الموضعين؛ أي خمسين يمينا صادرة منكم، وبالرواية الأولى احتجت الحنفية؛ حيث اعتبروا العدد في الرجال.

قوله: " أمر لم نره"؛ أي: لم نشاهده، وكيف تحلف عليه؟ قوله: " فتبرئكم"؛ أي: فتخلصكم من اليمين، واعلم أن حكم القسامة مخالف لسائر الدعاوى من جهة أن اليمين على المدعي. وقال الكرماني: الوارث هو الأخ، وهو المدعي لا أبناء العم فلم عرض اليمين عليهم؟ وأجاب بأنه كان معلوما عندهم أن اليمين يختص بالوارث، فأطلق الخطاب لهم، وأراد من يختص به، ومن جهة أنها خمسون يمينا؛ وذلك لتعظيم أمر الدماء، وبدأ رسول الله صلى الله تعالى عليه [ ص: 180 ] وسلم بالمدعين، فلما تكلموا رد على المدعى عليه، ولما لم يرضوا بأيمانهم من جهة أنهم كفار لا يبالون بذلك؛ عقله من عنده; لأنه عاقلة المسلمين، وإنما عقله قطعا للنزاع وجبرا لخاطرهم، وإلا فاستحقاقهم لم يثبت. قوله: " فوداهم"؛ أي: أعطى لهم ديته، " من قبله" بكسر القاف وفتح الباء الموحدة؛ أي: من عنده، ويحتمل أن يراد به: من خالص ماله، أو من بيت المال.

قوله: " مربدا لهم"؛ المربد، بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة؛ أي الموضع الذي يجتمع فيه الإبل. قوله: " فركضتني"؛ أي: رفستني، وأراد بهذا الكلام ضبط الحديث، وحفظه حفظا بليغا.

وفيه أنه ينبغي للإمام مراعاة المصالح العامة، والاهتمام بإصلاح ذات البين، وإثبات القسامة، وجواز اليمين بالظن، وصحة يمين الكافر.

التالي السابق


الخدمات العلمية