صفحة جزء
5804 [ ص: 190 ] باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: تربت يمينك، وعقرى حلقى.


أي: هذا باب في ذكر قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: " تربت يمينك"؛ قال ابن السكيت: أصل تربت: افتقرت، ولكنها كلمة تقال ولا يراد بها الدعاء، وإنما يراد التحريض على الفعل، وإنه إن خالف أساء. وقال النحاس: معناه إن لم تفعل لم يحصل في يديك إلا التراب. وقال ابن كيسان: هو مثل جرى على أنه إن فاتك ما أمرتك به افتقرت إليه؛ فكأنه قال: افتقرت إن فاتك، فاختصر. وقال الداودي: معناه افتقرت من العلم، وقيل: هي كلمة تستعمل في المدح عند المبالغة، كما قالوا للشاعر: قاتله الله لقد أجاد! وقال ابن الأثير: ترب الرجل؛ إذا افتقر، أي: لصق بالتراب، وأترب؛ إذا استغنى، وقيل: معناه: لله درك.

قوله: " وعقرى حلقى"؛ أي: عقرها الله وحلقها؛ يعني أصابها وجع في حلقها خاصة، وهكذا يرويه المحدثون غير منون، بوزن غضبى؛ حيث هو جار على المؤنث، والمعروف في اللغة التنوين على أنه مصدر فعل متروك اللفظ، تقديره: عقرها الله عقرا، وحلقها حلقا، ويقال للأمر الذي يتعجب منه: عقرا حلقا، ويقال أيضا للمرأة إذا كانت مؤذية: مشئومة.

وقال الكرماني: " وعقرى"؛ أي: عقر الله جسدها، وحلقى: أصابها وجع في حلقها، وربما قالوا: " عقرى حلقى" بلا تنوين، فهو نعت، وقيل: مصدر؛ كدعوى، وقيل: جمع عقير وحليق، وقال الأصمعي: يقال لما يتعجب منه ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية