صفحة جزء
5816 191 - حدثنا بشر بن خالد، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المرء مع من أحب


نقل بعضهم عن الكرماني بأنه قال: يحتمل أن يراد بالترجمة محبة الله تعالى للعبد، أو محبة العبد لله، أو المحبة بين العباد في ذات الله عز وجل، ثم قال: ولم يتعرض لمطابقة الحديث للترجمة، وقد توقف فيه غير واحد، ثم أطال الكلام بما لا يجدي شيئا، ولو كان توقف فيه مثل غيره لكان أولى، فأقول وبالله التوفيق: إن مطابقة الحديث للترجمة تؤخذ من معنى الحديث; لأن قوله: مع من أحب أعم من أن يحب الله ورسوله، وأن يحب عبدا في ذات الله تعالى بالإخلاص، فكما أن الترجمة تحتمل العموم على ما ذكرنا من الأوجه الثلاثة، فكذلك لفظ الحديث يحتمل تلك الأوجه المذكورة، فتحصل المطابقة بينهما، والدليل على عمومه كلمة "من"؛ فإنها تقتضي العموم، وضمير المفعول في "أحب" محذوف، تقديره: من أحبه، وهو يرجع إلى كلمة "من"، فيكتسب العموم منها، فافهم فإنه موضع دقيق لاح لي من الأنوار الربانية.

وبشر، بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة، ابن خالد أبو محمد العسكري الفرائضي، وهو شيخ مسلم أيضا، مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين. ومحمد بن جعفر هو غندر. وسليمان هو الأعمش. وأبو وائل شقيق بن سلمة. وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله تعالى عنه.

والحديث أخرجه مسلم في الأدب عن بشر بن خالد أيضا، وعن غيره.

قوله: " مع من أحب"؛ أي: في الجنة، يعني: هو ملحق بهم داخل في زمرتهم، ألحقه صلى الله عليه وسلم بحسن النية من غير زيادة عمل بأصحاب الأعمال الصالحة.

وقال ابن بطال فيه: إن من أحب عبدا في الله تعالى؛ فإن الله يجمع بينهما في جنته، وإن قصر في عمله; وذلك لأنه لما أحب الصالحين لأجل طاعتهم، أثابه الله تعالى ثواب تلك الطاعة؛ إذ النية هي الأصل، والعمل تابع لها، والله يؤتي فضله من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

التالي السابق


الخدمات العلمية