صفحة جزء
5864 240 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدثتني هند بنت الحارث أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سبحان الله! ماذا أنزل من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن، من يوقظ صواحب الحجر، يريد به أزواجه، حتى يصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة.


مطابقته للترجمة في قوله: فقال: سبحان الله! وأبو اليمان الحكم بن نافع. وهند، منصرف وغير منصرف، بنت الحارث الفراسية، بكسر الفاء وبالراء وبالسين المهملة، وقيل: القرشية، وكانت تحت معبد بن المقداد ابن الأسود. وأم سلمة أم المؤمنين، واسمها هند بنت أبي أمية.

والحديث مضى في العلم في باب: العلم والموعظة؛ فإنه أخرجه هناك عن صدقة، عن ابن عيينة.. إلخ، وفي صلاة الليل عن محمد بن مقاتل، وفي اللباس، وفي علامات النبوة، ومضى الكلام فيه.

قوله: " من الخزائن" أريد بها الرحمة، عبر عن الرحمة بالخزائن؛ كقوله: خزائن رحمة ربي. قوله: " من الفتن"؛ أي: العذاب، عبر عن العذاب بالفتن; لأنها أسباب مؤدية إلى العذاب، أو هو من المعجزات؛ لما وقع من الفتن بعد ذلك، وفتح الخزائن حين تسلط الصحابة على فارس والروم. قوله: " الحجر" جمع حجرة. قوله: " رب" فيه لغات، وفعله محذوف؛ أي: رب كاسية عرفتها، والمراد: أن اللاتي تلبس رقيق الثياب التي لا تمنع من إدراك لون البشرة معاقبات في الآخرة بقضية التعري، أو أن اللابسات للثياب النفيسة عاريات عن الحسنات.

واعلم أن هذا الحديث وقع في بعض النسخ قبل هذا الباب، أعني باب التكبير، وحينئذ لا يناسب ترجمة ذلك الباب. قال ابن بطال: قلت للمهلب: ليس حديث أم سلمة مناسبا للترجمة، وقال: إنما هو مقو للحديث السابق، يعني: لما ذكر أن لكل نفس بحكم القضاء والقدر مقعدا من الجنة أو النار، أكد التحذير من النار بأقوى أسبابها؛ وهي: الفتن، والطغيان، والبطر عند فتح الخزائن، ولا تقصير في أن يذكر ما يوافق الترجمة، ثم يتبعه بما يوافق معناه. قلت: هذه تكلفات وحديث الباب مطابق للترجمة، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية