صفحة جزء
6168 والقارعة والغاشية والصاخة والتغابن ، غبن أهل الجنة أهل النار .


أي : وهي القارعة لأنها تقرع القلوب بأهوالها ، وقال الجوهري : القارعة الشديدة من شدائد الدهر ، وهي الداهية ، وأصل معنى القرع الدق ، ومنه قرع الباب وقرع الرأس بالعصا . قوله : " والغاشية " سميت بذلك لأنها تغشى النار بإفزاعها ، أي : تعمهم بذلك ، وعن سعيد بن جبير ومحمد بن كعب : الغاشية النار ، وقال أكثر المفسرين : الغاشية القيامة ، تغشى كل شيء بالأهوال . قوله : " والصاخة " هي في الأصل الداهية ، وفي الصحاح : الصاخة الصيحة ، يقال : صخ الصوت الأذن يصخها صخا ، ومنه سميت القيامة ، وقال الثعلبي : الصاخة يعني صخة القيامة ، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع ، أي : تتابع في إسماعها حتى تكاد تصمها . قوله : " والتغابن " بالرفع ، عطف على ما قبله ، وهو تفاعل من الغبن ، وهو فوت الحظ والمراد ، وقال المفسرون : المغبون من غبن أهله ومنازله [ ص: 112 ] في الجنة ، ويظهر يومئذ غبن كل كافر بتركه الإيمان ، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان وتضييعه الأيام . قوله : " غبن أهل الجنة " ، فقوله : " غبن " فعل ماض ، و" أهل الجنة " فاعله ، و" أهل النار " بالنصب مفعوله ، ومعناه أن أهل الجنة ينزلون منازل الأشقياء التي كانت أعدت لهم لو كانوا سعداء ، وقال بعضهم : فعلى هذا التغابن من طرف واحد ، ولكنه ذكر بهذه الصيغة للمبالغة انتهى . قلت : لا نسلم صحة ما قاله ، ولم يقل أحد إن صيغة التفاعل تجيء للمبالغة ، والتفاعل هنا على أصله ، وهو الاشتراك بين القوم ، ولا شك أنهم مشتركون في أصل الغبن لأن كل غابن فله مغبون .

التالي السابق


الخدمات العلمية