صفحة جزء
6258 12 - حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما أخبراه رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : اقض بيننا بكتاب الله ، وقال الآخر وهو أفقههما : أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم ، قال : تكلم ، قال : إن ابني كان عسيفا على هذا - قال مالك : والعسيف الأجير - زنى بامرأته ، فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة شاة [ ص: 170 ] وجارية لي ، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وإنما الرجم على امرأته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله : أما غنمك وجاريتك فرد عليك ، وجلد ابنه مائة وغربه عاما ، وأمر أنيس الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها ، فاعترفت فرجمها .


مطابقته للترجمة في قوله : " أما والذي نفسي بيده " .

وإسماعيل هو ابن أبي أويس ، وزيد بن خالد الجهني أبو عبد الرحمن المدني من جهينة ابن زيد بن ليث بن سعد بن أسلم بن الحاف بن قضاعة من مشاهير الصحابة ، مات بالمدينة ، وقيل : بالكوفة سنة ثمان وسبعين وهو ابن خمس وثمانين سنة .

وذكر البخاري هذا الحديث في مواضع كثيرة مختصرا أو مطولا في الصلح ، وفي الأحكام عن آدم عن ابن أبي ذئب في باب : إذا اصطلحوا على صلح جور ، وفي المحاربين عن عبد الله بن يوسف ، وعن عاصم بن علي ، وفي الوكالة عن أبي الوليد ، وفي الشروط عن قتيبة ، وفي الاعتصام عن مسدد ، وفي خبر الواحد عن أبي اليمان ، وفي الشهادات عن يحيى بن بكير ، وأخرجه بقية الجماعة ، ومضى الكلام فيه في الصلح وغيره .

قوله : " أجل يا رسول الله " أي : نعم ، قال الأخفش : أجل جواب مثل نعم ، إلا أنه أحسن منه في التصديق ، ونعم أحسن منه في الاستفهام .

قوله : " والعسيف " بفتح العين وكسر السين المهملتين وسكون الياء آخر الحروف وبالفاء .

قوله : " ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني " فيه فتيا العالم مع وجود من هو أعلم منه . قال أبو القاسم العذري : كان يفتي من الصحابة فيما بلغني في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة وثلاثة من الأنصار : أبي ومعاذ وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم .

قوله : " بكتاب الله " قيل : هو قوله : ويدرأ عنها العذاب والعذاب الذي يدرأ للزوجة عن نفسها هو الرجم ، وأهل السنة مجمعون على أن الرجم من حكم الله ، وقال قوم : إنه ليس في كتاب الله وإنما هو في السنة ، وأن السنة تنسخ القرآن ، فزعموا أن معنى قوله : " لأقضين بينكما بكتاب الله " أي : بوحي الله تعالى لا بالمتلو ، وقيل : يريد بقضاء الله حكمه كقوله : كتاب الله عليكم أي : حكمه فيكم وقضاؤه عليكم .

قوله : " أما غنمك وجاريتك فرد عليك " أي : فيردان عليك ، وفيه أن الصلح الفاسد ينتقض إذا وقع .

قوله : " وأمر أنيس الأسلمي " أنيس مصغر أنس ابن الضحاك الأسلمي نسبة إلى أسلم بن أفصى بالفاء ابن حارثة بن عمرو ، والأسلمي أيضا نسبة إلى أسلم بن جمح ، قيل : فيه إباحة تأخير الحدود عند ضيق الوقت ، وأنكره بعضهم ، ويروى : فامض إلى امرأة هذا ، وفي لفظ : اغد يا أنيس على امرأة هذا .

قوله : " إلى امرأة الآخر " بفتح الخاء كذا ضبطه الدمياطي خطأ ، وقال ابن التين : هو بقصر الألف وكسر الخاء كذا رويناه .

قوله : " فإن اعترفت فارجمها " قال صاحب ( التوضيح ) فيه : إن مطلق الاعتراف يوجب الحد ولا يحتاج إلى تكراره ، وبه قال مالك والشافعي ، وقال أحمد : لا يجب إلا باعتراف أربع مرات في مجلس أو أربع مجالس ، وقال أبو حنيفة : لا يجب إلا باعتراف في أربع مجالس ، فإن اعترف في مجلس واحد ألف مرة فهو اعتراف واحد ، واحتج أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه بما في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، فلما شهد على نفسه أربع مرات ، الحديث أخرجاه في ( الصحيحين ) وكذا في حديث جابر بن سمرة أخرجه مسلم حتى شهد على نفسه أربع مرات ، وكذا في حديث ابن عباس أخرجه مسلم حتى شهد أربع مرات ، وكذا في حديث جابر بن عبد الله أخرجه مسلم حتى شهد على نفسه أربع شهادات .

والجواب عن حديث العسيف أن معناه : اغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت ، الاعتراف المعهود بالتردد أربع مرات ، وجاء في بعض طرق حديث الغامدية أنه ردها أربع مرات ، أخرجه البزار في ( مسنده ) .

فإن قلت : سلمنا الإقرار أربع مرات فاشتراط اختلاف المجالس من أين ؟

قلت : أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن ماعزا أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فرده ، ثم أتاه الثانية من الغد فرده . . . الحديث ، وفيه : فأتاه الثالثة إلى أن قال : فلما كان الرابعة حفر له ورجمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية