صفحة جزء
6270 24 - حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه ، فقال : ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت .


مطابقته للترجمة ظاهرة والحديث روي عن ابن عباس عن عمر رضي الله تعالى عنهم بلفظ : بينا أنا في ركب أسير في غزاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : لا وأبي ، فهتف بي رجل من خلفي لا تحلفوا بآبائكم ، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . وروى ابن أبي شيبة من طريق عكرمة عن عمر : فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لو أن أحدكم حلف بالمسيح والمسيح خير من آبائكم لهلك ، وفي رواية سعيد بن عبيدة : إنها شرك ، وفي رواية ابن المنذر : لا بأمهاتكم ولا بالأوثان ، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون ، وروى ابن أبي عاصم في ( كتاب الأيمان والنذور ) من حديث ابن عمر : من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر .

والحكمة في النهي عن الحلف بالآباء أنه يقتضي تعظيم المحلوف به ، وحقيقة العظمة مختصة بالله جلت عظمته ، فلا يضاهى به غيره ، وهكذا حكم غير الآباء من سائر الأشياء ، وما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال : أفلح وأبيه فهي كلمة تجري على اللسان لا يقصد بها اليمين ، وأما قسم الله تعالى بمخلوقاته نحو والصافات والطور والسماء والطارق والتين والزيتون والعاديات فلله أن يقسم بما شاء من خلقه تنبيها على شرفه أو التقدير : ورب الطور . وقال أبو عمر : لا ينبغي لأحد أن يحلف بغير الله لا بهذه الأقسام ولا بغيرها لإجماع العلماء على أن من وجب له يمين على آخر في حق فله أن يحلف له إلا بالله ، ولو حلف له بالنجم والسماء ، وقال : نويت رب ذلك لم يكن عندهم يمينا ، وروى ابن جرير عن ابن أبي مليكة أنه سمع ابن الزبير يقول : سمعني عمر رضي الله تعالى عنه أحلف بالكعبة فنهاني ، وقال : لو تقدمت إليك لعاقبتك ، قال قتادة : ويكره الحلف بالمصحف وبالعتق والطلاق ، وقال أبو عمر : الحلف بالطلاق والعتق ليس يمينا عند أهل التحصيل ، والنظر وإنما هو طلاق بصفة وعتق بصفة ، وكلام خرج على الاتساع والمجاز ولا يمين في الحقيقة إلا بالله عز وجل ، وقال ابن المنذر : واختلفوا فيما على من حلف بالقرآن العظيم وحنث ، فكان ابن مسعود يقول : عليه بكل آية يمين ، وبه قال الحسن ، وقال النعمان : لا كفارة عليه ، وقال أبو يوسف : من حلف بالرحمن فحنث إن أراد بالرحمن الله فعليه كفارة يمين ، وإن أراد سورة الرحمن فلا كفارة ، وقال الأوزاعي وربيعة : إذا قال أشهد لا أفعل كذا ثم فعل فهو يمين ، فإن قال حلفت ولم يحلف ، فقال الحسن والنخعي : لزمته يمين ، وقال حماد بن أبي سليمان : هي كذبة ، وقال أبو ثور : إذا قال علي يمين ولم يكن حلف فهذا باطل ، وقال أصحاب الرأي : هي يمين فإن قال : هو يهودي أو نصراني أو مجوسي إن فعل كذا ، فقال مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور : يستغفر الله ، وقال طاوس والحسن والشعبي والنخعي والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي عليه كفارة يمين ، وبه قال أحمد وإسحاق : [ ص: 176 ] إذا أراد العين ، واختلفوا في الرجل يدعو على نفسه بالخزي والهلاك أو قطع اليدين إن فعل كذا ، فقال عطاء : ولا شيء عليه وهو قول الثوري وأبي عبيد وأصحاب الرأي ، وقال طاوس : عليه كفارة يمين ، وبه قال الليث ، وقال الأوزاعي : إذا قال عليه لعنة الله إن لم يفعل كذا ، فلم يفعله ، فعليه كفارة يمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية