صفحة جزء
6287 وقول الله تعالى : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به وقال : لا تؤاخذني بما نسيت


ثبوت الواو في " وليس "رواية لقوم ، وفي رواية أبي ذر بدون الواو أي : ليس عليكم إثم فيما فعلتموه مخطئين ، ولكن الإثم فيما تعمدتموه ، وذلك أنهم كانوا ينسبون زيد بن حارثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون : زيد بن محمد ، فنهاهم عن ذلك وأمرهم أن ينسبوهم [ ص: 188 ] لآبائهم الذين ولدوهم ، وثم قال : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به قبل النهي ، ويقال : إن هذا على العموم فيدخل فيه كل مخطئ ، وغرض البخاري هذا يدل عليه حديث الباب .

قوله : " وقال : لا تؤاخذني بما نسيت " هذه في آية أخرى في سورة الكهف يخاطب موسى عليه السلام بقوله : لا تؤاخذني الخضر عليه السلام ، وذلك بعد ما جرى من أمر السفينة ، وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : كانت الأولى من أمر موسى النسيان ، والثانية العذر ، ولو صبر لقص الله علينا أكثر مما قص ، وبهذا استدل أيضا على أن الناسي لا يؤاخذ بحنثه في يمينه .

فإن قلت : الخطأ نقيض الصواب والنسيان خلاف الذكر ، ولم يذكر في الترجمة إلا النسيان ولا تطابقها إلا الآية الثانية ، وكذلك لا يناسب الترجمة من أحاديث الباب إلا الذي فيه تصريح بالنسيان ، والآية الأولى لا مطابقة لها في الذكر هنا ، ألا يرى أن الدية تجب في القتل بالخطأ ، وإذا أتلف مال الغير خطأ فإنه يغرم ؟

قلت : إنما ذكر الآية الأولى وأحاديث الباب على الاختلاف ليستنبط كل أحد منها ما يوافق مذهبه ، ولهذا لم يذكر الحكم في الترجمة ، وإنما ذكرها لأنها أصول الأحكام ومواد الاستنباط التي يصلح أن يقاس عليها ، ووجوب الدية في الخطأ وغرامة المال بإتلافه خطأ من خطاب الوضع فتيقظ فإنه موضع دقيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية