صفحة جزء
6329 باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة .


أي هذا باب يذكر فيه : هل يدخل في الأيمان إلى آخره ؟ يعني : هل يصح اليمين والنذر على الأعيان ؟ فصورة اليمين نحو قوله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن هذه الشملة لتشتعل عليه نارا .

وصورة النذر مثل أن يقول : هذه الأرض لله نذرا ونحوه ، وقال المهلب : أراد البخاري بهذا أن يبين أن المال يقع على كل متملك ، ألا ترى قول عمر رضي الله تعالى عنه : أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه ؟ وقول أبي طلحة : أحب الأموال إلي بيرحاء . وهم القدوة في الفصاحة ومعرفة لسان العرب .

وقال صاحب التوضيح : أراد البخاري بهذا الرد على أبي حنيفة ، فإنه يقول : إن من حلف أو نذر أن يتصدق بماله كله فإنه لا يقع يمينه ونذره من الأموال إلا على ما فيه الزكاة خاصة ، انتهى .

قلت : قد كثر اختلافهم في تفسير المال ، حيث قال ابن عبد البر وآخرون : إن المال في لغة دوس قبيلة أبي هريرة غير العين كالعروض والثياب .

وعند جماعة : المال هو العين كالذهب والفضة خاصة ، وحكى المطرزي أن المال هو الصامت كالذهب والفضة والناطق .

وحكى القالي عن ثعلب أنه قال : المال عند العرب أقله ما تجب فيه الزكاة ، وما نقص عن ذلك فلا يقال له : مال .

وقال ابن سيده في العريض : العرب لا توقع اسم المال مطلقا إلا على الإبل لشرفها عندهم وكثرة غنائها ، قال : وربما أوقعوه على أنواع المواشي كلها ، ومنهم من أوقعه على جميع ما يملكه الإنسان لقوله تعالى : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم فلم يخص شيئا دون شيء وهو اختيار كثير من المتأخرين ، فلما رأى البخاري هذا الاختلاف أشار إلى أن المال يقع على كل متملك كما حكى عنه المهلب كما ذكرناه الآن ، فتبين من ذلك أنه اختار هذا القول ، فلا حاجة إلى قول صاحب التوضيح : إنه أراد به الرد على أبي حنيفة لأنه اختار قولا من الأقوال فكذلك اختار أبو حنيفة قولا من الأقوال ، فلا اختصاص بذكر الرد عليه خاصة ، ولكن عرق العصبية الباطلة نزعه إلى ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية