صفحة جزء
[ ص: 12 ] وقال ابن مسعود : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق المصدوق . وقال شقيق عن عبد الله : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم كلمة . وقال حذيفة : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين .
هذه ثلاث تعاليق أوردها تنبيها على أن الصحابي تارة كان يقول حدثنا وتارة كان يقول سمعت ، فدل ذلك على أنه لا فرق بينهما .

التعليق الأول الذي رواه عبد الله بن مسعود طرف من الحديث المشهور ، أوصله البخاري في كتاب القدر ، وسيجيء الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى .

الثاني : رواه أبو وائل شقيق عن عبد الله - هو ابن مسعود ، أوصله البخاري في كتاب الجنائز .

الثالث : رواه حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه ، أوصله البخاري في كتاب الرقاق ، وسيأتي إن شاء الله تعالى . واسم اليمان حسل - بكسر الحاء وسكون السين المهملة ، ويقال : حسيل بالتصغير - بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة - بالجيم المكسورة - بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس بن بغيض - بفتح الموحدة وغين وضاد معجمتين - بن ريث - بفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره ثاء مثلثة - بن غطفان بن سعد بن قيس بن غيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان العبسي حليف بني عبد الأشهل ، من الأنصار .

قالوا : واليمان لقب حسل . وقال الكلبي وابن سعد : هو لقب جروة ، وإنما لقب اليمان لأن جروة أصاب دما في قومه فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل من الأنصار ، فسماه قومه اليمان لأنه حالف اليمانية .

أسلم هو وأبوه ، وشهدا أحدا ، وقتل أبوه يومئذ ; قتله المسلمون خطأ فوهب لهم دمه ، وأسلمت أم حذيفة وهاجرت ، وأرادا أن يشهدا بدرا فاستحلفهما المشركون أن لا يشهدا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فحلفا لهم ، ثم سألا النبي عليه السلام ، فقال النبي عليه السلام : نفي لهم بعهدهم ونستعين بالله عليهم !

وكان صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين يعلمهم وحده ، وسأله عمر رضي الله عنه : هل في عمالهم أحد منهم ؟ قال : نعم ; واحد . قال : من هو ؟ قال : لا أذكره - فعزله عمر رضي الله تعالى عنه ، كأنما دل عليه . وكان عمر رضي الله تعالى عنه إذا مات ميت ; فإن حضر الصلاة عليه حذيفة صلى عليه عمر رضي الله عنه ، وإلا فلا .

وحديثه ليلة الأحزاب مشهور ، فيه معجزات . وكان فتح همدان والري والدينور على يده ، ولاه عمر رضي الله عنه المدائن ، وكان كثير السؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتن والشر ليجتنبهما ، ومناقبه كثيرة .

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون حديثا - قاله الكرماني في شرحه ، وقال الشيخ قطب الدين في شرحه : أخرجا له اثني عشر حديثا اتفقا عليها ، وانفرد البخاري بثمانية ومسلم بسبعة عشر . قلت : فهذا يدل على سقط عدد من الكرماني إما منه وإما من النساخ .

توفي حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان رضي الله عنه بأربعين ليلة ، روى له الجماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية