صفحة جزء
62 باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

4 - حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم ; حدثوني ما هي ؟ قال : فوقع الناس في شجر البوادي . قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة . ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ! قال : هي النخلة .
أي : هذا باب في بيان إلقاء الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ; أي ليمتحن ، من الاختبار وهو الامتحان ، وكلمة " من " في " العلم " بيانية ، والمناسبة بين البابين ظاهرة ; فإن الحديث فيهما واحد عن صحابي واحد ، غير أن الاختلاف في الترجمة ، فلذلك أعاد الحديث .

وأما التفاوت في نفس متن الحديث فشيء يسير ، وهو وجود الفاء في " فحدثوني " في الباب الأول ، وهاهنا بلا فاء ، على أن في بعض النسخ كلاهما بالفاء .

فإن قلت : ما الفرق بين الذي بالفاء وبين الذي بغيرها ؟ قلت : الأصل عدم الفاء لعدم الجهة الجامعة بين الجملتين المقتضية للعطف ; أما الأول فهو الفاء التي وقعت جوابا لشرط محذوف تقديره إن عرفتموها فحدثوني . فإن قلت : إذا كانت إعادة الحديث لأجل استفادة الترجمة التي عقد الباب لها منه ، فما الفائدة في تغيير رجال [ ص: 16 ] الإسناد ؟ قلت : قال الكرماني : المقامات مختلفة ; فرواية قتيبة للبخاري إنما كانت في مقام بيان معنى التحديث ، ورواية خالد في مقام بيان طرح المسألة ، فلهذا ذكر البخاري في كل موضع شيخه الذي روى الحديث له لذلك الأمر الذي روى لأجله مع ما فيه من التأكيد وغيره .

قلت : فيه فائدة أخرى ، وهو التنبيه على تعدد مشايخه واتساع روايته ، حتى إنه ربما أخرج حديثا واحدا من شيوخ كثيرة .

ثم خالد بن مخلد - بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة - أبو الهيثم القطواني - بفتح القاف والطاء - البجلي مولاهم الكوفي - وقطوان موضع بالكوفة - روى عن مالك وسليمان بن بلال وغيرهما ، روى عنه إسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة ومحمد بن بندار والبخاري عن ابن كرامة عنه .

قال أحمد بن حنبل وأبو حاتم : له أحاديث مناكير . وقال يحيى بن معين : ما به بأس . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه . وقال ابن عدي : هو من المكثرين في محدثي الكوفة ، وهو عندي إن شاء الله لا بأس به .

وروى البقية غير أبي داود عن رجل عنه ، مات في المحرم سنة ثلاث عشرة ومائتين .

وسليمان هذا هو ابن بلال أبو محمد - ويقال : أبو أيوب - التيمي القرشي المدني مولى عبد الله بن أبي عتيق ، واسمه محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، كان بربريا جميلا حسن الهيئة عاقلا مفتيا ، ولي خراج المدينة وتوفي بها سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون الرشيد .

وقال أحمد : لا بأس به ، ثقة . وعن يحيى بن معين : ثقة صالح . روى له الجماعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية