صفحة جزء
6572 20 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشأم ، فلما جاء بسرغ بلغه أن الوباء وقع [ ص: 120 ] بالشأم ، فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ، فرجع عمر من سرغ ، وعن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عمر إنما انصرف من حديث عبد الرحمن.


مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: وإذا وقع بأرض إلخ.

وعبد الله بن مسلمة: القعنبي ، يروي عن مالك بن أنس عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي ، حي من اليمن ، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه ، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن أربع أو خمس سنين ، ومات في سنة تسع وثمانين ، وقيل: خمس وثمانين ، وذكره الذهبي في الصحابة ، وقال: ولد سنة ست من الهجرة ، روى عنه الزهري وغيره ، وقد وعى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والحديث مضى في الطب عن عبد الله بن يوسف ومضى الكلام فيه.

قوله: " خرج إلى الشام " كان خروج عمر رضي الله تعالى عنه إلى الشام في ربيع الثاني سنة ثماني عشرة.

قوله: " بسرغ " بفتح السين المهملة وسكون الراء وبالغين المعجمة ، منصرف وغير منصرف ، وهي قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز ، وقال البكري : سرغ : مدينة بالشام ، افتتحها أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه ، هي واليرموك والجابية والرمادة متصلة.

قوله: " أن الوباء " بالمد والقصر ، وجمع المقصور أوباء ، وجمع الممدود أوبئة ، وهو المرض العام.

قوله: " فلا تقدموا " بفتح الدال ، قيل: لا يموت أحد إلا بأجله ولا يتقدم ولا يتأخر ، فما وجه النهي عن الدخول والخروج ؟ وأجيب بأنه لم ينه عن ذلك حذرا عليه ، إذ لا يصيبه إلا ما كتب عليه ، بل حذرا من الفتنة في أن يظن أن هلاكه كان من أجل قدومه عليه ، وأن سلامته كانت من أجل خروجه ، وفي التوضيح: ولا يتحيل في الخروج في تجارة أو زيارة أو شبههما ناويا بذلك الفرار منه ، ويبين هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. قال: والمعنى في النهي عن الفرار منه كأنه يفر من قدر الله وقضائه ، وهذا لا سبيل إليه لأحد ; لأن قدره لا يغلب.

قوله: " وعن ابن شهاب " موصول بما قبله.

قوله: " عن سالم بن عبد الله " يعني ابن عمر بن الخطاب ، وأشار بهذا إلى أن انصراف عمر رضي الله تعالى عنه من سرغ كان من حديث عبد الرحمن بن عوف ، وروي أن انصرافه كان من أبي عبيدة بن الجراح ، وذلك أنه لما استقبل عمر فقال: جئت بأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تدخلهم أرضا فيها الطاعون الذين هم أئمة يقتدى بهم ؟ فقال عمر رضي الله تعالى عنه: يا أبا عبيدة أشككت ؟ فقال أبو عبيدة : كأني يعقوب إذ قال لبنيه لا تدخلوا من باب واحد فقال عمر : والله لأدخلنها. فقال أبو عبيدة : والله لا تدخلها ، فرده .

وفيه قبول خبر الواحد ، وفيه أنه يوجد عند بعض العلماء ما ليس عند أكبر منه ، قيل: وفيه دليل على تقدم خبر الواحد على القياس ، وموضعه في كتب الأصول.

التالي السابق


الخدمات العلمية