صفحة جزء
6652 12 - حدثنا عياش بن الوليد، أخبرنا عبد الأعلى، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يتقارب الزمان وينقص العمل، ويلقى الشح وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، قالوا: يا رسول الله، أيم هو؟ قال: القتل القتل.


مطابقته للترجمة في قوله: (وتظهر الفتن) .

وعياش بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن الوليد الرقام البصري ، وعبد الأعلى بن الأعلى السامي بالسين المهملة البصري، ومعمر بن راشد ، والزهري محمد بن مسلم وسعيد بن المسيب .

والحديث أخرجه مسلم في القدر وابن ماجه في الفتن، كلاهما عن أبي بكر بن أبي شيبة .

قوله: (يتقارب الزمان) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية السرخسي : الزمن، وهي لغة. وكذا في رواية مسلم .

وقال الخطابي : يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر، وهو كالجمعة، وهي كاليوم، وهو كالساعة، وهو من استلذاذ العيش كأنه -والله أعلم- يريد خروج المهدي وبسط العدل في الأرض ، وكذلك أيام السرور قصار.

وقال الكرماني : هذا لا يناسب أخواته من ظهور الفتن وكثرة الهرج، وقيل: تقارب الزمان اعتدال الليل، والنهار، وقيل: إذا دنا قيام الساعة، وقيل: الساعات والأيام والليالي تقصر.

وقال الطحاوي : قد يكون معناه: تقلب أحوال أهله في ترك طلب العلم خاصة والرضا بالجهل، وذلك لأن الناس لا يتساوون في العلم لتفاوت درجاته، قال تعالى: وفوق كل ذي علم عليم وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا.

وقال البيضاوي : يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان تسارع الدول في الانقضاء والقرون إلى الانقراض، فيتقارب زمانهم وتتدانى أيامهم.

وقال ابن بطال : معناه، والله أعلم، تفاوت أحواله في أهله في قلة الدين، حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله، وقد جاء في الحديث: لا يزال الناس بخير ما كان فيهم أهل فضل وصلاح وخوف الله، يلجأ إليهم عند الشدائد، ويستشفى بآرائهم، ويتبرك بدعائهم، ويؤخذ بقولهم وآثارهم .

قوله: (وينقص العمل) ، قيل: نقص العمل الحسي ينشأ عن نقص الدين ضرورة، وأما المعنوي فسببه ما يدخل من الخلل بسبب سوء المطعم وقلة المساعد على العمل، والنفس ميالة إلى الراحة.

قوله: (ويلقى الشح) ، أي: البخل والحرص ، ويلقى بضم الياء من الإلقاء، والمراد إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم، وليس المراد وجود أصل الشح لأنه لم يزل موجودا.

وقال الحميدي : المحفوظ في الروايات: يلقى بضم أوله، ويحتمل أن يكون بفتح اللام وتشديد القاف، أي: يتلقى ويتعلم ويتواصى به، ويقال: يحتمل أن يكون إلقاء الشح عاما في الأشخاص، والمحذور من ذلك ما يترتب [ ص: 183 ] عليه مفسدة، والشحيح شرعا هو من منع ما وجب عليه، وهو مثلث الشين، قال الكرماني : وذلك ثابت في جميع الأزمنة، ثم قال: المراد غلبته وكثرته بحيث يراه جميع الناس.

فإن قلت: تقدم في نزول عيسى في كتاب الأنبياء عليهم السلام أنه يفيض المال حتى لا يقبله أحد، وفي كتاب الزكاة: لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها .

قلت: كلاهما من أشراط الساعة لكن كل منهما في زمان غير زمان الآخر.

قوله: (وتظهر الفتن) المراد كثرتها وانتشارها وعدم التكاتم بها، والله المستعان.

قوله: (أيم هو) ، أي: الهرج، وأيم بفتح الهمزة وتشديد الياء آخر الحروف وضم الميم، وأصله أيما، أي: أي شيء الهرج، قال صلى الله عليه وسلم: القتل القتل مكررا، وضبطه بعضهم بتخفيف الياء كما قالوا: أيش، في موضع: أي شيء، وفي رواية الإسماعيلي : وما هو؟ وفي رواية أبي داود : أيش هو؟ قال: القتل القتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية