صفحة جزء
6672 32 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، حدثنا حماد، عن رجل لم يسمه، عن الحسن قال: خرجت بسلاحي ليالي الفتنة فاستقبلني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار. قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه.

قال حماد بن زيد: فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس بن عبيد، وأنا أريد أن يحدثاني به، فقالا: [ ص: 192 ] إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة.


مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما) ، وقد ذكرنا أن معناه إذا التقيا.

وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري من أفراد البخاري ، وحماد هو ابن زيد وقد نسبه في أثناء الحديث.

قوله: (عن رجل) قال بعضهم: هو عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة وكان سيئ الضبط، قاله الحافظ المزي في التهذيب.

وقال صاحب التلويح: هو هشام بن حسان أبو عبد الله القردوسي وتبعه على ذلك صاحب التوضيح، وكذا قاله الكرماني ناقلا عن قوم. وقال بعضهم: فيه بعد.

قلت: ليت شعري ما وجه البعد؟ ووجه البعد فيما قاله، ويؤيد ما قاله هؤلاء ما قاله الإسماعيلي في صحيحه: حدثنا الحسن ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا هشام ، عن الحسن - فذكره، وتوضحه رواية النسائي عن علي بن محمد ، عن خلف بن تميم ، عن زائدة ، عن هشام ، عن الحسن ... الحديث، والحسن هو البصري .

قوله: (ليالي الفتنة) أراد بها الحرب التي وقعت بين علي ومن معه وعائشة ومن معها، كذا قال بعضهم.

قلت: ما معنى إبهامه ذلك، والمراد به وقعة الجمل ووقعة صفين .

قوله: (فاستقبلني أبو بكرة ) هو نفيع بن الحارث الثقفي .

قوله: (قلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) وهو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وفي رواية مسلم : أريد نصر ابن عم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يعني عليا رضي الله تعالى عنه، قال: فقال لي: يا أحنف ارجع .

قوله: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وفي رواية مسلم " قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

قوله: (إذا تواجه المسلمان) ، ويروى " توجه ".

وقال الكرماني : تواجه، أي ضرب كل واحد منهما وجه الآخر، أي ذاته.

قوله: (فكلاهما من أهل النار) ، وفي رواية الكشميهني : في النار، وفي رواية مسلم : فالقاتل والمقتول في النار .

قوله: (أهل النار) أي: مستحق لها وقد يعفو الله عنه.

وقال الكرماني : علي رضي الله تعالى عنه ومعاوية كلاهما كانا مجتهدين، غاية ما في الباب أن معاوية كان مخطئا في اجتهاده وله أجر واحد، وكان لعلي رضي الله تعالى عنه أجران، قلت: المراد بما في الحديث المتواجهان بلا دليل من الاجتهاد ونحوه، انتهى.

قلت: كيف يقال كان معاوية مخطئا في اجتهاده؟ فما كان الدليل في اجتهاده وقد بلغه الحديث الذي قال صلى الله عليه وسلم: ويح ابن سمية ؛ تقتله الفئة الباغية! وابن سمية هو عمار بن ياسر وقد قتله فئة معاوية ، أفلا يرضى معاوية سواء بسواء حتى يكون له أجر واحد؟ وروى الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمرو ، عن أبيه، قال: ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله .

فإن قلت: كان عبد الله بن عمرو ممن روى الحديث المذكور وأخبر معاوية بهذا، فكيف كان مع فئة معاوية ؟ قلت: روي عنه أنه قال: لم أضرب بسيف ولم أطعن برمح، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أطع أباك - فأطعته. وقيل لإبراهيم النخعي : من كان أفضل؛ علقمة أو الأسود ؟ فقال: علقمة ؛ لأنه شهد صفين وخضب سيفه بها . وقيل: كان أويس القرني رضي الله تعالى عنه مع علي رضي الله تعالى عنه في الرجالة، قاله إبراهيم بن سعد .

وقال الكرماني : مساعدة الإمام الحق ودفع البغاة واجبة، فلم منع أبو بكرة الحسن عن حضوره مع فئة علي رضي الله تعالى عنه؟ وأجاب بقوله: لعل الأمر لم يكن بعد ظاهرا عليه.

قوله: (قيل: فهذا القاتل) القائل هو أبو بكرة ، فقوله: (القاتل) مبتدأ وخبره محذوف، أي: هذا القاتل يستحق النار (فما بال المقتول؟) ، أي: فما ذنبه، (قال: إنه) ، أي: إن المقتول أراد قتل صاحبه، وتقدم في الإيمان: إنه كان حريصا على قتل صاحبه .

فإن قلت: مريد المعصية إذا لم يعملها كيف يكون من أهل النار؟ قلت: إذا جزم بعملها وأصر عليه يصير به عاصيا، ومن يعص الله ورسوله يدخله نارا.

قوله: (قال حماد بن زيد ) هو موصول بالسند المذكور.

قوله: (قلت لأيوب ) هو السختياني ، ويونس بن عبيد بن دينار القيسي البصري .

قوله: (فقالا) أي: أيوب ويونس (إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة ) ؛ يعني أن عمرو بن عبيد أخطأ في حذف الأحنف بين الحسن وأبي بكرة ، والأحنف بن قيس السعدي التميمي البصري واسمه الضحاك ، والأحنف لقبه وعرف به ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة سبع وستين بالكوفة .

وقال أبو عمر : الأحنف بن قيس أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ودعا له، وإنما ذكرناه في الصحابة لأنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية