صفحة جزء
6736 19 - حدثنا محمد بن خالد الذهلي، حدثنا الأنصاري محمد ، حدثنا أبي، عن ثمامة، عن أنس أن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- بمنزلة صاحب الشرط من الأمير.


مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث؛ لأن قيس بن سعد لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في تعديته وينفذ في أموره، ويدخل في الترجمة، وإن كان لا يخلو عن النظر.

ومحمد بن خالد هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي ، وقد ذكرنا غير مرة، عن الكلاباذي وغيره، أخرج عن محمد هذا فلم يصرح به، فتارة يقول: حدثنا محمد ، وتارة: محمد بن عبد الله ، فينسبه إلى جده، وتارة محمد بن خالد ، فينسبه إلى جد أبيه، وقد ذكر السبب فيه. والأنصاري هو محمد بن عبد الله الأنصاري ، ووقع هكذا في رواية الأكثرين. ووقع في رواية أبي زيد المروزي : حدثنا الأنصاري محمد ، فقدم النسبة على الاسم، ولم يسم أباه، وأبوه عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس ، وثمامة - بضم الثاء المثلثة وتخفيف الميم - هو عم أبيه، وهو ابن عبد الله بن أنس بن مالك ، وقد أخرج البخاري عن الأنصاري بلا واسطة عدة أحاديث في الزكاة والقصاص وغيرهما، وروى عنه بواسطة في عدة مواضع، في الاستسقاء وفي بدء الخلق وفي شهود الملائكة بدرا وغيرها.

قوله: " أن قيس بن سعد " زاد في رواية المروزي : ابن عبادة، وهو الأنصاري الخزرجي الذي كان والده رئيس الخزرج .

قوله: " كان يكون بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم " وقال الكرماني : فائدة تكرار الكون بيان الاستمرار والدوام، وقال بعضهم: بعد أن نقل هذا الكلام عن الكرماني : قد وقع في رواية الترمذي وابن حبان والإسماعيلي وأبي نعيم وغيرهم من طرق، عن الأنصاري بلفظ: " كان قيس بن سعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم " قال: فظهر أن ذلك من تصرف الرواة، انتهى. قلت: غرضه الغمز على الكرماني ؛ لأن ما قاله الكرماني أولى وأحسن من نسبة هذا إلى تصرف الرواة، وليس للرواة إلا نقل ما حفظوه من الأحاديث، وليس لهم أن يتصرفوا فيها من عند أنفسهم. وفي رواية الترمذي ومن ذكر معه بلفظ: " كان قيس بن سعد " لا يستلزم نفي رواية: كان يكون، [ ص: 233 ] وكل منهم لا يروي إلا ما حفظه.

قوله: " صاحب الشرط " بضم الشين المعجمة وفتح الراء جمع شرطة، وهم أول الجيش سموا بذلك؛ لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات، والأشراط الأعلام، وصاحب الشرط معناه العلامات يعرف بها، الواحد شرطة، والنسبة إليها شرطي بضمتين، وقد تفتح الراء. وقيل: المراد بصاحب الشرطة كبيرهم، وقال الأزهري : شرطة كل شيء خياره، ومنه الشرطة؛ لأنهم نخبة الجند. وقيل: سموا بذلك؛ لأنهم أعدوا أنفسهم لذلك، يقال: أشرط فلان نفسه لأمر كذا إذا أعدها، قاله أبو عبيدة . وقيل: مأخوذ من الشريط، وهو الحبل المبرم لما فيهم من الشدة.

وفي الحديث تشبيه ما مضى بما حدث بعده؛ لأن صاحب الشرطة لم يكن موجودا في العهد النبوي عند أحد من العمال، وإنما حدث في دولة بني أمية ، فأراد أنس بن مالك تقريب حال قيس بن سعد عند السامعين، فشبهه بما يعهدونه.

التالي السابق


الخدمات العلمية