صفحة جزء
688 (باب: الصف الأول ).


أي: هذا باب في بيان ثواب الصف الأول، واختلف في الصف الأول، فقيل: المراد به ما يلي الإمام مطلقا. وقيل: المراد به من سبق إلى الصلاة ولو صلى آخر الصفوف، قاله ابن عبد البر . وقيل: المراد به أول صف تام مسدود لا يتخلله شيء مثل مقصورة ونحوها، وقال النووي : القول الأول هو الصحيح المختار وبه صرح المحققون، والقولان الآخران غلط صريح، قلت: القول الثاني لا وجه له لأنه ورد في حديث أبي سعيد . أخرجه أحمد، وإن خير الصفوف صفوف الرجال المقدم وشرها المؤخر .. الحديث، والقول الثالث له وجه لأنه ورد في حديث أنس أخرجه أبو داود وغيره: رصوا صفوفكم، وقد ذكرناه عن قريب، وإذا تخلل بين الصف شيء ينتقض الرص، وفيه أيضا: إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف، وأما كون القول الأول هو الصحيح فوجهه أن الأول اسم لشيء لم يسبقه شيء، ولا يطلق هذا إلا على الصف الأول الذي يلي الإمام مطلقا؛ فإن قلت: ورد في حديث البراء بن عازب أخرجه أحمد : إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول أو الصفوف الأول، قلت: لفظ الأول من الأمور النسبية، فإن الثاني أول بالنسبة إلى الثالث، والثالث أول بالنسبة إلى الرابع، وهلم جرا.. ولكن الأول المطلق هو الذي لم يسبقه شيء ثم الحكمة في التحريض والحث على الصف الأول المطلق على وجوه [ ص: 256 ] المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق لدخول المسجد، والقرب من الإمام، واستماع قراءته، والتعلم منه، والفتح عليه عند الحاجة، واحتياج الإمام إليه عند الاستخلاف، والبعد ممن يخترق الصفوف، وسلامة الخاطر من رؤية من يكون بين يديه، وخلوه موضع سجوده من أذيال المصلين.

التالي السابق


الخدمات العلمية